تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٢ - الصفحة ٨٢
ارتفع بخاره فإذا تكاثف طلبت دفعه فإما أن يكون رقيقا أو كثيفا وكل إما أن ينعكس ويتصرف أو يرتفع إلى الاعلى ثم يتفرق فهذه أقسامه الأصلية، فلنقل في تعريفها قولا كليا هنا ثم نكل جزأي كل إلى موضعه فنقول: إذا انعكس الرقيق من البخار فلا أثر له بالضرورة وأما الكثيف ونعني به ما تولد عن غذاء غليظ إذا انعكس صحيحا كان الريح المعين على الانغاظ إذا انصرف مع الماء ودخل في الأعصاب أو فاسدا فهو القراقر والرياح الخارجة بالأصوات وكراهة الرائحة وأما الرقيق الصاعد إن لم يصحبه دخان فقد يضمحل وقد يلابس سقف الدماغ إما بأدوار مقدرة كالنوم أولا فيكون عنه البخار الذي من أثره الطنين والظلمة في الاذن والعين وإن صحبه الدخان وارتفع التحق بالسابق في فساد العين وعنه يكون الماء وإن انحل قبل دخول الشبكة كان مادة للاختلاج يحرك العضو المنصب إليه طالبا للخروج، وأما الكثيف الصاعد فلا يمكن أن يجاوز الشبكة بل ينحل دونها فان خلا عن الدخان وارتفع إليها ثم انحل في عضل الرأس أحدث التثاؤب أو في عضل البدن أحدث التمطى وإن امتزج بالدخانية ولم يرتفع عن فم المعدة ودخل في عضل المشترك والحجاب المنصف فهو الفواق وإلا فهو الجشاء فهذا تقسيم حالات البخار والدخان غير ممكن أن يزاد عليه ولم يظفر بمثله في كتاب وسيأتى تفصيل ما يكون عنه من الأمراض المذكورة، فلنقل الآن في الجشاء قولا تفصيليا:
قد بان لك أنه مادة من بخار دخاني كثيف لم يجاوز فم المعدة وعلمت أن طبيعة كل عضو تجتهد في تصحيحه فتصرف كلا من القوى الأربعة فيما هي له فعند اجتماع هذا البخار توجه الطبيعة الدافعة إلى تفريقه فقد تكون عنه الأقسام السابقة بشروطها وذلك بحسب الغذاء كمية وكيفية وقد يتولد من الهواء إذا مازج طعاما أو شرابا كما في مص القصب وقد يكون عن استدخال الهواء وحده لغرض كما في السياحة ويعرف خبث الجشاء بكميته وطعمه، فالخارج بالقسر كثير المادة والحامض عن برد المعدة وفساد الهضم واللذاع عن الصفراء وكذا المر والعفص عن السوداء وما اختلط بحسبه (العلاج) تجب التنقية بالقئ وأخذ الجوارشات والحمام وتكميد المعدة بالخرق المسخنة بالنار واستعمال هذا الماء حارا. وصنعته: كراويا أنيسون شبت صعتر من كل جزء مصطكي نصف جزء تطبخ بالغا وتصفى فإنها مجربة وكذا القرنفل بالكزبرة أيضا والانيسون والخردل والجوز والصعتر والنعنع بالعسل مفردة ومجموعة وقد تدعو الحاجة إلى طلب الجشاء حيث يستعصى انقشاع الريح عن فمها إما بالصناعة كالصاق اللسان في الحلق وازدراد الهواء أو بالأدوية كما ذكر ومتى كان الجشاء عن زلق أو سوء هضم أو تخمة فعلاجه علاجها [جسا] بالسين المهملة نوع شمله في الحقيقة جنس الورم والصلابات وإنما أفرد علما على ما يعيق الجفن عن الحركة الطبيعية لأكثرية حدوثه فيه ولأنه يطلق على ما يمنع الحركة المذكورة بلا ورم ظاهر وسببه انصباب الخلط الغليظ أو اليابس إلى الجفن أو برد منك أو بقايا رمد تطرق إلى علاجه الخطأ خصوصا في الفصد (العلاج) تناول المرطبات والادهان بها كالحليب والألعبة والادهان وألبان النساء بالحلبة والشحوم خصوصا من البط والدجاج بالأشياف الأحمر في البارد وبياض البيض بماء الكزبرة في الحار والعدس وشحم الرمان والماميثا مطلقا بدهن الورد ودقيق الكرسنة كذلك وبالعسل في الحار والأشق بلبن النساء فيه وبماء الكزبرة في البارد [جراحة] نوع جسيم وفصل في هذه الصناعة عظيم تناوله جنس صناعة اليد وأول من تصدى لافراده حذاق الهند كذا قرره في الطبقات والذي رأيت عن الأستاذ أبقراط أنه اختار أربعة من تلامذته فقال لأحدهم تصد لتقرير الطبيعة وقال للآخر استعمل نفسك في تحقيق ما يتعلق
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الرابع في تفصيل أحوال الأمراض الخ 2
2 حرف الألف 8
3 فصل في حال الدليل 24
4 فصل في أحكام القرآن 31
5 فصل في ذكر ما يومى اليه الكسوف والخسوف من الدلالة الخ 32
6 فصل في تقرير المبادي ووجه التعلق باستخراج الضمائر وارتباط العوالم الخ 33
7 فصل في خصوصيات الأدلة باعتبار الكواكب 35
8 فصل في أحوال الضمير والخلاف فيه 35
9 حرف الباء 38
10 الفصل الأول في صفة البيطار 51
11 الفصل الثاني في آلاته 51
12 الفصل الثالث في موضوع هذه الصناعة ومباديها وما يجب أن يعرفه الخ 52
13 الفصل الرابع فيما يختار منها وذكر عمرها وما يستدل به على سنها وغير ذلك 52
14 فصل ولما كان التشريح من أهم ما يجب أن يعرفه الطبيب قبل طب الإنسان الخ 3 5 فصل في الأخلاق السيئة في الحيوان الخ 54
15 فصل في ذكر أشياء تجري مجرى الفراسة من الإنسان الخ 55
16 فصل وإذ قد فرقنا من جزء العلم في هذه الصناعة فلنقل في عملها ما فيه كفاية الخ 56
17 فصل في علاج سمومها وذكر ما زاد على الإنسان 60
18 فصل في المختار من أدوية العين الخ 60
19 خاتمة تشتمل على ذكر ما يجري هنا مجرى الجزئيات من طب الإنسان 60
20 حرف الجيم 70
21 فصل ينبغي لمن أراد التلذذ به الميل بأغذيته إلى الحار الرطب الخ 72
22 (جغرافيا) 87
23 حرف الدال 91
24 حرف الهاء 101
25 هندسة 104
26 فصل في السطوح 106
27 فصل في الأشكال 106
28 فصل قد تقرر في قاطيغوريا أن السطح الخ 106
29 حرف الواو 110
30 حرف الزاي 114
31 حرف الحاء 121
32 فصل في ذكر الأدوية الموجبة للحبل 145
33 حرف الطاء 150
34 (طلسمات) 154
35 فصل في تشعبات أهل هذه الصناعة 156
36 فصل في الشروط الخاصة ملتقطة من كلام الرازي 157
37 فصل فيما يخص كل كوكب وبرج الخ 157
38 فصل في الأعمال وتدريجها إلى الكمال 160