ولزوم الحمام. ومن العلاج النافع في تقوية الشم وتجفيف المواد السائلة وفتح السدد أن يسحق الشونيز بالزيت بالغا ويستنشق وقد ملئ الفم ماء وقلب الرأس وكذلك البورق والملح والكندس وشحم الحنظل والنوشادر والقرنفل ومرارة البقر ودهن الورد والشمع مجموعة ومفردة والغوالي حيث لا حرارة فإنها تقوى مجارى الهواء والعناية بذلك واجبة وتغير الشم يكون من قبل جميع محاله التي أولها الدماغ وآخرها فم المعدة فإذا كان التغير من الدماغ نفذ الهواء والنفس وإلا بطلا أو نقصا ومتى سدت الصفاة قل السائل وأما قول الشيخ بأنه قد تحترق الاخلاط فيصعد عنها رائحة طيبة فقد قررنا حقيقته فلا التفات إلى ما بحثه ابن نفيس من أن ذلك من فساد الدم ومصادفته رطوبة بها يتبخر قياسا على الأجساد المتبخرة ودم الحمام الذي طاب علفه لعدم الجامع بينهما وهذا مثل إنكاره أنه ليس لنا من يشم الطيب دون النتن أصلا مع أن الاجماع والقياس يدلان على وجوده، أما الأول فلتصريح أبقراط ومن دونه إلى زماننا بذلك في كتبهم، وأما الثاني فلان الطيب حار في الأغلب وكل حار لطيف وكل لطيف نفاذ في المسالك الضيقة والبارد بالعكس وأغلب النتن منه وكبرى القياس بديهية وقد ثبتت الصغرى في القوانين فنتج من الأولى صحة الدعوى، وأما أن النتونة إذا لم يشم إلا هي لا تكون إلا عما فسد من الداخل فغير صحيح إذ قد تشم الأشياء المنتنة في الخارج خاصة لغلظ البخار ورطوبة الانف فيتشبثان وإلا لزم أن يشم المسك منتنا والتالي باطل فانا نجد من لا يدرك إلا النتونة إذا أتى بغيرها كالمسك لم يدرك رائحة أصلا ومن به قروح في الانف يدرك مثل المسك كريها [أسنان] الكلام في مادتها وصورتها وعددها ونحو ذلك يأتي في التشريح والغرض هنا ذكر ما يعرض لها من الأمراض وكيفية معالجاتها. قد يقع فساد الأسنان في أنفسها والسبب الأعظم قلة الاكتراث بتنظيفها من بقايا الأطعمة فتفسد بعفونتها حتى قال بعض الفضلاء من لازم الخشبتين يعنى السواك والمنكاش أمن من الكلبتين يعنى الآلة التي تقلع بها السن فيجب صرف العناية إلى تنظيف الفم خصوصا من طعام شأنه ضرر الأسنان كالتمر وسرعة إفسادها بتروحه كاللحم، وقد تفسد بفساد الدماغ فتندفع أبخرته في أعصابها وقد يتركب ألمها من الجهتين، وعلامة الأول صحة الدماغ واختصاص الوجع بنفس السن وتغير لونها وتفتتها، وعلامة الأخيرين الاحساس بالنزلة والورم وفساد الدماغ، أما ورم اللثة فقد يقع في وجع الأسنان مطلقا لتوجه المادة إليها فإن كان الوجع حارا استلذ العليل بالبارد وكثر عنده الضربان وإلا العكس ومتى قلع السن فزال الألم دل على اختصاصه بها وإلا فهو من الدماغ نعم قد يسكن لاتساع المحل ومباشرة الدواء الألم الموجبين لسرعة تصرفه، وقد يكون ألمها من قبل ريح في الأعصاب وعلامته سرعة التموج والانتقال وقد يكون من قبل المعدة وعلامته الاشتداد عند التخم والنوم وأكل ذي بخار كريه وأكثر ما يكون الألم باعتبار جوهر الأسنان في الأضراس العليا لغلظ أصولها وأعصابها فتقبل المادة ولأنها في الفك الاعلى وهو كما سيأتي كثير الدروز وباعتبار اللحم فيما يلي الثنايا والرباعيات وكان القياس أن لا تفسد كثيرا لأنه يرى الهواء بخلاف لحم الأضراس لكن لما كانت أصول الأسنان دقيقة لا تحمل المادة إذا نزلت لاجرم تندفع إلى اللحم وهو توجيه جيد وأما تحركها فيكون غالبا من ارتخاء العصب ولحم اللثة بما ينصب إليهما من المواد الرطبة حارة كانت أو باردة والعلامات لها ما سبق، وأما سقوطها فتارة يكون في الصغر وهذا لعظم اللحم والعصب وكون الأسنان لبنية ضعيفة المادة فتهيئ الطبيعة بإذن واهبها مادة غليظة يكون منها سن يمارس الأغذية القوية والخدمة الطويلة
(٢١)