تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٢ - الصفحة ١٦
كما يعكس ذلك الخواء وغذائية المقيئ ومشاكلته وبهذا يظهر أن انقلاب المسهل مقيئا ليس محصورا في البشاعة كما أن معاصاته ليست محصورة في السدد، وقد يعطى المسهل للاختبار فان خرج الخلط صحيحا أو ضعفت القوى في مباديه فخطأ يجب قطعه ولا كذلك الفصد كما ظن إذ ليس بين خروجه خالصا والاحتياج إلى الفصد منفصلة حقيقية لجواز زيادته كما. والمسهلات إما بالطبع كالغاريقون للبلغم أو بالخاصية كالسقمونيا في الصفراء وكذا الحال مع الأعضاء كشحم الحنظل للدماغ وفعلها إلهي لا بالمشاكلة ولا الجذب لتخلفه فيما شأنه ذلك وهل إذا لم يفعل الدواء فعله يكثر الخلط المناسب له في البدن أم لا صرح جالينوس بالأول ورده بأنه ليس غذائيا ولا غذاء فكيف يولد خلطا وإنما نشء الكثرة حينئذ من تحريك الدواء وصوب بعض شراح الموجز قول جالينوس بأن الدواء يولد الخلط لكن بالعرض كأن تضعف المعدة عن هضم الغذاء فيولد خلطا فاسدا وهو كلام جيد لكن الأوجه عندي في هذه المسألة النظر في المتناول فإن كان دواء محضا كالسقمونيا فالصحيح عدم التوليد وإلا صح في الصور الخمسة كماء الشعير مثلا وقد مر تقسيم الثلاثة في قواعد الباب وقوانين الكتاب. وأما ما يجب للدواء المسهل فالحمام قبله بالدهن والدلك للتحليل والتفتيح المفضيين إلى المساعدة وكذا أخذ المناضج في البلاد الباردة وذوي الاخلاط اليابسة والثقل لئلا يتعاطى الدواء وكذا تناول المرق وقلة الخبز وهجر اليابسات والقلايا ويتعين الحمام أيضا بعد انقطاع الدواء لتحليل ما اندفع إلى سطح الجلد ويمنع الاكل يوم أخذه قبل استيفاء فعله إلا ما أعان بالذات كزبيب أو رمان أو بالعرض كالسفرجل كذا قالوه وفى الرمان نظر من تنفيذه فيساعد ومن سرعة استحالته في غير وقت الدواء فما ظنك به. وأما النوم فيمتنع على الدواء الضعيف مطلقا والقوى بعد شروعه في العمل خاصة هذا كله في الأصل أما عند الطوارئ كالحاجة إلى المسهل في شدة البرد فقد تدعو الحاجة إلى استعمال الثلاثة كالتحليل بمرق اللحم الحار والتدثر اليسير ليوجه النوم الحرارة إلى الانضاج وكذا الحمام لكن يمكث في البيت الأول ريثما يعمل الدواء ثم يخرج لئلا يقطعه بجذبه وأن يحتال من يعاف الدواء من جهة الطعم على تنقيص الذوق بنحو مضغ الطرخون وورق العناب والطحينة ومن جهة ريحه بسد الانف وشم ما يقبض كالبصل أو ما ينعش كالتفاح وغسل الفم بماء الورد ومن أحس بمغص فليشرب جرعات من الماء الحار مع المشي اليسير والأولى كون المشروب الحار بالعرض مع تحليله منعشا كالمسلوقة المستعملة الآن لكن من كان تداويه من مرض حار فليأخذ قبل الغذاء حين يأخذ البدن في الانحطاط وإن لم ينقطع الدواء سقى المحرور بزر القطونا بالسكر أو شراب البنفسج والتفاح والمعتدل بزر الريحان والمبرود والانيسون مع بزر المرو وإن كان بماء العسل فأجود لما فيه من تحريك الدواء. واعلم أن غاية ما يتوقع فيه فعل الدواء المسهل القوى ساعة زمانية في المحرور وضعفها في المبرود مع توفر المساعدة في الجانبين ونهاية اليابس مائة وثمانون درجة وقد أجمعوا على أن الأولى إذا لم يعمل المسهل أن يسكن لئلا يهيج الاخلاط فإن لم يمكن فليحرك بعرضى قابض يسهل بالعصر كالسفرجل أو بالقتل والحقن اللطيفة لا بمسهل آخر لعدم جواز الجمع بين نوعى الاستفراغ وأنا لا أقول بذلك مطلقا بل الأولى النظر في وقوف الدواء إن كان لخلل في تركيبه أو فساد في أجزائه كقدم مثلا فلا عبرة به بل يصلح ماله غائلة منه ويعطى غيره أو كانت الممانعة لسدد حللت بالأمراض الحارة وعلامة الأول عدم التغير والثاني المغص وإن لم يكن شأن الدواء ذلك وقد تدعو الحاجة إلى الفصد عند وضوح العلامات، وأما إفراطه فقد قالوا فيه أيضا قولا مطلقا بأنه يقطع بربط الأطراف والتعريق وأخذ القابض المنعش كماء الورد والتفاح والصندل
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الرابع في تفصيل أحوال الأمراض الخ 2
2 حرف الألف 8
3 فصل في حال الدليل 24
4 فصل في أحكام القرآن 31
5 فصل في ذكر ما يومى اليه الكسوف والخسوف من الدلالة الخ 32
6 فصل في تقرير المبادي ووجه التعلق باستخراج الضمائر وارتباط العوالم الخ 33
7 فصل في خصوصيات الأدلة باعتبار الكواكب 35
8 فصل في أحوال الضمير والخلاف فيه 35
9 حرف الباء 38
10 الفصل الأول في صفة البيطار 51
11 الفصل الثاني في آلاته 51
12 الفصل الثالث في موضوع هذه الصناعة ومباديها وما يجب أن يعرفه الخ 52
13 الفصل الرابع فيما يختار منها وذكر عمرها وما يستدل به على سنها وغير ذلك 52
14 فصل ولما كان التشريح من أهم ما يجب أن يعرفه الطبيب قبل طب الإنسان الخ 3 5 فصل في الأخلاق السيئة في الحيوان الخ 54
15 فصل في ذكر أشياء تجري مجرى الفراسة من الإنسان الخ 55
16 فصل وإذ قد فرقنا من جزء العلم في هذه الصناعة فلنقل في عملها ما فيه كفاية الخ 56
17 فصل في علاج سمومها وذكر ما زاد على الإنسان 60
18 فصل في المختار من أدوية العين الخ 60
19 خاتمة تشتمل على ذكر ما يجري هنا مجرى الجزئيات من طب الإنسان 60
20 حرف الجيم 70
21 فصل ينبغي لمن أراد التلذذ به الميل بأغذيته إلى الحار الرطب الخ 72
22 (جغرافيا) 87
23 حرف الدال 91
24 حرف الهاء 101
25 هندسة 104
26 فصل في السطوح 106
27 فصل في الأشكال 106
28 فصل قد تقرر في قاطيغوريا أن السطح الخ 106
29 حرف الواو 110
30 حرف الزاي 114
31 حرف الحاء 121
32 فصل في ذكر الأدوية الموجبة للحبل 145
33 حرف الطاء 150
34 (طلسمات) 154
35 فصل في تشعبات أهل هذه الصناعة 156
36 فصل في الشروط الخاصة ملتقطة من كلام الرازي 157
37 فصل فيما يخص كل كوكب وبرج الخ 157
38 فصل في الأعمال وتدريجها إلى الكمال 160