الثانية: في التعبير بالإتيان، دلالة على سهولة مجيئها وأنه لم يكن عن سؤال وإلحاح، بل كان ذلك مما أراده الله عز وجل بلا توسط مسألة أو تعليق بشيء.
الثالثة: تقديم المفعول لإيثار اتصال الضمير الذي هو الأصل على انفصاله، ولتقريبه إلى المرجع، ولكونه أهم لشرفه، لرجوعه إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولطول الفاصل مع ما يتصل به، وللوزن.
الرابعة: التصريح ببعدية الإتيان تأسيسا أو تأكيدا، لأنها لما كانت دالة على براءة ساحة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن التفريط في الإبلاغ كان الاهتمام بها شديدا، وبهذا يحسن حمل الكلام على التأكيد مع أنه ما أمكن الحمل على التأسيس كان الحمل على التأكيد ضعيفا، وللاهتمام، ولطول الفاصل بما يتصل به قدمه على الفاعل.
الخامسة: في التعبير عن الكلام المشتمل على العزمة بالعزمة أو اسناد الإتيان إليها مع الإيجاز، دلالة على أن ذلك الكلام صريح الدلالة على العزمة، فكأنه هي وإتيانه إتيان لها لا محالة، أو كأنها قد أتت من غير احتجاب تحت الألفاظ، بل لوضوحها كأنها تجسمت وأتت كما يأتي الإنسان، وإن كان الاسناد حقيقة إلى الكلام وقد حذف، فالحذف للاختصار ولإيهام ما ذكر وللاختصار مع ما ذكر من تخييل أن العزمة قد تجسمت وأتت كما يأتي الإنسان، لم يتعرض لذكره من أتى بها، أعني: جبرائيل (عليه السلام) مع أنه لم يكن مما يتعلق غرض بذكره.
السادسة: تنكير «عزمة» للتعظيم.
السابعة: إلحاق تاء الوحدة بها، للدلالة على توحدها من بين العزمات، كأنها لشدتها وعظمها لا يمكن أن تكون إلا واحدة.
الثامنة: وصف «عزمة» بكونها من ربه، لزيادة تعظيمها والدلالة على أنها مما لا يسوغ فيه الإهمال، ولذا أثر لفظ الرب الذي هو أدل على وجوب الامتثال