قوله: إن «الواو» تفيد الترتيب غريب، واحتج بنحو قوله تعالى: (أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون). (١) والجواب عنه من وجهين:
الأول: أنه يجوز أن يكون المراد: أردنا إهلاكهم فإن إطلاق الفعل الاختياري على إرادته كثير.
والثاني: أن الترتيب على نوعين: ترتيب معنوي: وهو الذي مر ذكره. وذكري: وهو في نحو عطف المفصل على المجمل نحو: ﴿فقد سألوا موسى أكثر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة﴾ (٢) ﴿ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي﴾ (٣) ﴿ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين﴾ (4) وهو كثير.
وذهب الجرمي إلى أنها للترتيب إلا في الأماكن والأمطار.
فالأول لقوله:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل * بسقط اللوى بين الدخول فحومل (5) والثاني: لأنا نقول: مطرنا مكان كذا فمكان كذا، وإن كان وقوع المطر فيهما في وقت واحد.
والأمر الثاني من الثلاثة التي يفيدها «الفاء» هو للتعقيب، أي حصول المعطوف، أو حصول المسند له عقيب حصول المعطوف عليه، أو حصول المسند له بلا مهلة، وهو إما حقيقي بأن لا يتراخى بينهما حقيقة زمان، وحكمي بتنزيل ما بينهما زمان منزلة ما لا زمان بينهما، إما لقصره، أو لأنه لا يمكن حصول الثاني بعد