ديوان السيد حيدر الحلي - السيد حيدر الحلي - ج ٢ - الصفحة ١١١
ينشر على طي الأيام ذكره، ويجدد ويا حاشاه من الدروس على تعاقب الأعوام علاؤه وفخره، ويجلو من محاسنه الغر، على صفحات وجه الدهر، ما يفصله لسال الحمد فريدا، وتتهاداه الليالي لنحورها عقودا، فهو حي بتلك المناقب، وإن قامت عليه النوادب، إذ ليس الميت ورزؤه الذي ترك الألباب مطاشة، إلا ميت المآثر لا الحشاشة، ولعمري لئن قصد المنون بصائبة تلج على الليث المشبل مغارة، وتنفذ على الأفعوان الصل وجاره، فلقد قضى من الدنيا كرائم وطره، ورحل عنها فرحل المجد على أثره، بمهجة حسيرة، قد نضخها على قبره عقيرة، وكأني بركب الثناء، وقد وقف فقلب على ذلك الجدث جفون الرجاء، ثم رفع عقيرته بجنبه، وأنشده ما أنشاه في استطابة تربه:
أقول وقد وقفت على ضريح * كأن نسيمه أرج الغوالي لئن أنشقتني يا قبر طيبا * فذاك الطيب من عبق المعالي وليت شعري وهل أبقت شعورا طارقة هذا القدر، أيعلم الدهر لا أقاله الله عثاره بمن عثر؟ ارتحل وأيم الله عن الأنام بربيعها، وعن الأيام بقريعها، حادث جذ من العز أنفه، ومن الكرم ساعده وكفه، وأغص فم الدنيا بجرعة ثكل عميدها، فعددت بلسان الدهر حتى كل ولم ينشط في محفل النياحة لتعديدها، وكيف ينشط منها اللسان، أو يتسع لها نطاق البيان، في حصر تلك المناقب، التي كاثرت وأجلها عن قولي الحصى عداد الكواكب، أليست هي مناقب من ضمن في ملاث أزار عظمته جميع كرامها، فطوى منه الموت بردة فخر أدرج في أثنائها بقية أيامها:
قد علمنا فقر العفاة إليه * أفكان الردى من الفقراء (894)

894 ذكرت في باب المراثي. وفي المطبوع: فقر الزمان.
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»