ديوان السيد حيدر الحلي - السيد حيدر الحلي - ج ١ - الصفحة ٢٧
وقال يرثي الإمام الحسين عليه السلام (71) أهاشم تيم جل منك ارتكابها * حرام بغير المرهفات عتابها هي القرحة الأولى التي مض داؤها * بأحشاك حتى ليس يبرى انشعابها لقد أوجعت منك القلوب بلسعها * عقارب ضغن أعقبتها دبابها إلى الان يبرى سمها منك مهجة * بإبرتها قد شق عنها حجابها كأن لم يكن ضدا سواه مقاوما * حياتك مقصورا عليها ذهابها لها العذر لم تسلم لباري نفوسها * فتلوى لمن ولي عليها رقابها ولا صدقت يوما بما في كتابه * فتخشى الذي يحصي عليها كتابها ولو أمنت بالله لم يغد في الورى * بأمرة مولى المؤمنين خطابها علت فوق أعواد الرسول لبيعة * بها من ثقيل الوزر طال احتقابها (72) تقلب بين المسلمين أناملا * تريك عن الاسلام كيف انقلابها أعد نظرا نحو الخلافة أيما * أحق بأن تضفو عليه ثيابها أمن هو نفس للنبي؟ أم التي * له كان داءا سلمها واقترابها ومن دحرج الأعداء عنه؟ أم التي * له دحرجت تحت الظلام دبابها يقولون بالاجماع ولي أمرها * ضئيل بني تيم لينفى ارتيابها وهل مدخلا للرشد أبقى، وفيه من * مدينة علم الله قد سد بابها بلى عدلت عن عيبة العلم واقتدت * بمن ملئت من كل عيب عيابها ولم لم يكن عبد من الله لم تنل * - ولا لعقة مما تحلت - كلابها فلله ما جرت سقيفة غيها * على مرشديها يوم جل مصابها بها ضربت غصبا على ملك أحمد * بكف عدى واستمر اغتصابها إلى حيث بالأمر استبدت أمية * فأسفر عن وجه الضلال نقابها وأبدت حقود الجاهلية بعدما * - لخوف من الاسلام - طال احتجابها وسلت سيوفا أطمأ الله حدها * فأضحى دم الهادين وهو شرابها فقل لنزار سومي الخيل إنها * تحن إلى كر الطراد عرابها لها إن وهبت الأرض يوما أرتكها * قد انحط خلف الخافقين ترابها حرام على عينيك مضمة الكرى * فان ليالي الهم طال حسابها فلا نوم حتى توقد الحرب منكم * بملومة شهباء يذكي شهابها تساقى بأفواه الضبا من أمية * مدام نجيع والرؤس حبابها كأن بأيديها الضبا وبنودها * إلى مهج الابطال تهوى حرابها فراخ المنايا في الوكور لرقها * قد التقطت حب القلوب عقابها عجبت لكم أن لا تجيش نفوسكم * وأن لا يقي المرهفات قرابها وهذي بنو عصارة الخمر أصبحت * على منبر الهادي يطن ذبابها رقدت وهبت منك تطلب وترها * إلى أن شفى الحقد القديم طلابها نضت من سواد الثكل ما قد كسوتها * وأصبحن حمرا من دماك ثيابها أفي كل يوم منك صدر ابن غابة * تبيت عليه رابضات ذيابها يمزق أحشاء الإمامة ظفرها * عنادا ويدمى من دم الوحي نابها لك الله من موتورة هان غلبها * وعهدي بها صعب المرام غلابها كأن من بني صخر سيوفك لم تكن * مقام جفون العين قام ذبابها و حتى كأن لم تنتثر في صدورها * أنابيب سمر لم تخنك حرابها أفي الحق أن تحوي صفايا تراثكم * أكف عن الاسلام طال انجذابها وتذهب في الاحياء هدرا دماؤكم * ويبطل حتى عند حرب طلابها هبوا ما على رقش الأفاعي غضاضة * إذا سل منها ذات يوم إهابها فهل تصفح الأفعى إذا ما تلاقيا * على ترة كف السليم ونابها أيخرجها من مستكن وجارها (73) * ويصفو له بالرغم منها لصابها (74) ويطرقها حتى يدمي صماخها * بكف له أثرن قدما نيابها وتنساب عنه لم تساور بنانه * بنهش ولم يعطب حشاه لعابها فما تلك من شأن الأفاعي فلم غدت * بها مضر الحمراء ترضى غضابها أصبرا وأعراف السوابق لم يكن * من الدم في ليل الكفاح اختضابها أصبرا ولم ترفع من النقع ضلة * يحيل بياض المشرقين ضبابها أصبرا وسمر الخط لا متقصد * قناها ولم تندق طعنا حرابها أصبرا وبيض الهند لم يثن حدها * ضراب يرد الشوس تدمي رقابها وتلك بأجراع الطفوف نساؤكم * عليها الفلا اسودت وضاقت رحابها وتلك بأجراع الطفوف نساؤكم * يهد الجبال الرسيات انتحابها حواسر بين القوم لم تلق حاجبا * لها الله حسرى أين منها حجابها؟!
كجمر الغضا أكبادهن من الظما * بقفر لعاب الشمس فيه شرابها تردد أنفاسا حرارا وتنثني * لها عبرات ليس يثني انصبابها فهاتيك يحرقن الغوادي وهذه * ينوب مناب الغاديات انسكابها هواتف من عليا قريش (75) بعصبة * قضوا كسيوف الهند فل ذبابها مضوا حيث لا الاقدام طائشة الخطأ * ولا رجح الأحلام خفت هضابها تطارحهم بالعتب شجوا وإنما * دما فجر الصخر الأصم عتابها تنادي بصوت زلزل الأرض في الورى * شجى ضعفه حتى لخيف انقلابها أفتيان فهر أين عن فتياتكم * حميتكم والأسد لم يحم غابها أفتيان فهر أين عن فتياتكم * حفيظتكم في الحرب ان صر تابها أتصفر من رعب ولم تنض بيضكم * فيحمر من سود المنايا إهابها وتقهرها حرب على سلب بردها * وأرجلها بغيا يباح انتهابها وتتركها قسرا ببيداء من لظى * هواجرها كادت تذوب هضابها على حين لا خدر تقيل بكسره * عن الشمس حيث الأرض يغلي ترابها فوادح أجرى مقلة الأرض والسما * دما صبغت وجه الصعيد مصابها فيا من هم الهادون والصفوة التي * عن الله قربا قاب قوسين قابها عليكم سلام الله ما ديم الحيا * مرتها صبا ريح فدر سحابها

71 أشار جامع الديوان المطبوع في (بمبي) ان أوائل هذه القصيدة قد فقدت في زمان الشاعر غير أن النسخة الأصلية التي بأيدينا والتي يرجع عهد كتابتها إلى زمن صاحب الديوان قد أثبت فيها مقدمة هذه القصيدة، وكم يلاحظ القارئ عدد أبياتها الزائدة على ما في الديوان والتي تبلغ 22 بيتا وهي ثروة أدبية وسيجد القارئ أمثال ذلك عند توغله في الديوان.
72 احتقب الوزر: جمعه.
73 الوجار: الجحر.
74 لصبت الأفعى: لسعت، لسبت.
75 وفي نسخة: نزار.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»