ديوان السيد حيدر الحلي - السيد حيدر الحلي - ج ١ - الصفحة ١٦
أسلوبه الفني ليس بمقدور كل شاعر أن يصبح ناثرا ولا عكس، غير أن بعضهم ممن وهبوا مقدرة أدبية واسعة أتقنوا الصناعتين وأجادوا فيهما إجادة المتخصص الفنان ومنهم صاحب الديوان، ولقد عرف الأدباء ان أسلوب العصر الأموي والعباسي ذو الطابع الخاص بقي يتمشى اثره بقوة لاستمرار حتى القرون الثالث عشر الهجري، بيد أن الرصانة والتركيب وجزالة اللفظ أخذت تهزل شيئا فشيئا حتى عادت سقيمة خالية من الحياة، واستمرت على هذا الوضع طيلة القرون المظلمة إلى أن انتعشت في النصف الثاني من القرن الثالث عشر، ولعل خير مصداق على ما نقول رسائل السيد حيدر وأسلوبه فقد جاء رصينا محكما تجمعت فيه روعة البديع بأنواعه، واليك قطعة من رسالة له بعث بها إلى صديقه الحاج محمد رضا كبه قوله: (سلام فتقت نور زهره صبا الحب، وأعربت أنفاس نشره عن طي سريرة الصب، ورقت ألفاظه حتى سرق النسيم طبعه من رقتها، ونفحت بريا الاخلاص فقراته حتى استعار العبير المحض طيبه من نفحتها، وما هي فقرات في الطروس قد وسمت، بل روح محب أذابها الشوق وفي قالب الألفاظ قد تجسمت، فلو نشق أرواح عرفها من غشيته سكرات الموت لصحا، ولو سرح النظر في لؤلؤ ألفاظها ذو الطبع السليم لسحرت عقله وماس منها مرحا).
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»