خزانة الأدب - البغدادي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٣
وقعد عليها وقال: والله لا أعطي جارية منكن ثوبها ولو قعدت في الغدير يومها حتى تخرج متجردة فتأخذ ثوبها فأبين ذلك عليه حتى تعالى النهار وخشين أن يقصرن عن المنزل الذي يردنه فخرجن جميعا غير عنيزة فناشدته الله أن يطرح ثوبهان فأبى فخرجت فنظر إليها مقبلة ومدبرة وأقبلن عليه فقلن له: إنك عذبتنا وحبستنا وأجعتنا. قال: فإن نحرت لكن ناقتي أتأكلن معي قلن: نعم فجرد سيفه فعرقبها ونحرها ثم كشطها وجمع الخدم حطبا كثيرا فأججن نارا عظيمة فجعل يقطع أطايبها ويلقي على الجمر ويأكلن ويأكل معهن ويشرب من فضلة خمر كانت معه ويغنيهن وينبذ إلى العبيد من الكباب فلما أرادوا الرحيل قالت إحداهن: أنا أحمل طنفسته وقالت الأخرى: أنا أحمل رحله وأنساعه.
فتقسمن متاعه وزاده وبقيت عنيزة لم تحمل شيئا فقال لها: يا ابنة الكرام لا بد أن تحمليني معك فإني لا أطيق المشي فحملته على غارب بعيرها فكان يجنح إليها فيدخل رأسه في خدرها فيقبلها فإذا امتنعت مال هودجها فتقول: عقرت بعيري فانزل.. وكان الفرزدق أروى الناس لأخبار امرئ القيس وأشعاره وذلك أن امرأ القيس رأى من أبيه جفوة فلحق بعمه شرحبيل بن الحارث وكان مسترضعا في بني دارم فأقام فيهم. وهم رهط الفرزدق. انتهى.
وقد روى أيضا خبر هذا اليوم أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي في شرح هذه المعلقة) على وجه مجمل.
وترجمة امرئ القيس تقدمت في الشاهد التاسع والأربعين.
وأنشد بعده وهو الشاهد الخامس والأربعون بعد المائتين
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»