تعطير الأنام في تعبير المنام - الشيخ عبد الغني النابلسي - ج ٢ - الصفحة ٤١٣
ومن كتاب الشيخ الامام العمدة شهاب الدين أبى العباس أحمد بن الشيخ جمال الدين أبى الفرج عبد الرحمن المقدسي الحنبلي رحمه الله تعالى الذي سماه البدر المنير في علم التعبير، ومن كتاب الشيخ الامام أبى طاهر برهان الدين إبراهيم بن يحيى بن غانم المقدسي الحنبلي رحمه الله تعالى الذي سماء المعلم على حروف المعجم ومن مختصره المذيل عليه للشيخ الامام العلامة محب الدين أبى حامد محمد المقدسي الشافعي رحمه الله تعالى الذي سماه المحكم في اختصاص المعلم وقد استوفيت جميع ما ذكروه من هذه الكتب من وجوه التأويل ولم أترك منها إلا الشئ القليل جدا المسمى بالاسم الغريب الغير المعروف فلهذا صار كتابي جامعا لجميع ما في الكتب المذكورة مع اختصار اللفظ وسهولة المتناول منه ولم أزد على ما نقلته من هذه الكتب شيئا إلا بعض علاوات وقعت لنا وبعض تأويل نبهت عليه أنه من كلامنا في موضع أو موضعين وباقي الكلام كله محرر من هذه الكتب المذكورة فمن راجعها وجد هذه التأويلات كلها هناك مسطورة حتى جميع ما ذكرناه في المقدمة ما عدا البحث في رؤيا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكذلك جميع ما سنذكره في هذه الخاتمة من تلك الكتب أيصا قالوا وإن تعبير الرؤيا بالغدوات بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس أحسن لحضور فهم المعبرين وتذكر الرائي لتلك الرؤيا من غير نسيان وقول النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم بارك لأمتي في بكورها " والعبارة للمنام قياس واعتبار وتشبيه وظن لا يقطع بها ولا يحلف على غيبها إلا أن يظهر في اليقظة صدقها أو يرى سرها بها والتأويل بالمعنى أو باشتقاق الأسماء والعابر لا ينبغي له أن يستعين على عبارته بزجر في اليقظة يزجره ولا بفأل عند ذلك يسمعه ولا بحساب من حساب المنجمين يحسبه ويحتاج العابر إلى اعتبار القرآن وأمثاله ومعانيه والأحاديث كذلك واعتبار الاشعار والأمثال واشتقاق اللغة ومعانيها ويحتاج المعبر إلى صلاح حاله وشأنه وطعامه وشرابه وإخلاصه في أعماله ليرث بذلك حسن التوسم في الناس عند التعبير لمناماتهم والرؤيا الصادقة قسمان: قسم مفسر ظاهر لا يحتاج إلى تعبير ولا يفتقر إلى تفسير، وقسم مكنى مضمر تودع فيه الحكمة والانباء في جواهر مرئياته وأصدق الأوقات في الرؤيا وقت انعقاد الأزهار ووقت ينع الثمار وإدراكها وأضعفها في الشتاء ورؤيا النهار أقوى من رؤيا الليل وقد تتغير الرؤيا باختلاف هيئات الناس وصنائعهم وأقدارهم وأديانهم فتكون لواحد رحمة وعلى آخر عذابا وينبغي للمعبر التثبت فيما يرد عليه وترك التعنيف ولا يأنف أن يقول لما أشكل عليه لا أعرفه وقد كان محمد بن سيرين رحمه الله تعالى إمام الناس في هذا الفن وكان ما يمسك عنه أكثر مما يفسره حتى كان إذا سئل عن الرؤيا ربما يعبر من الأربعين واحدة وقد تنصرف الرؤيا عن أصلها من الشر
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 » »»
الفهرست