الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ١٩
يستيقظون من نومهم إلا عندما يرون عزرائيل حاضرا.
يقول القرآن الكريم عندما يأتي عزرائيل يرى الإنسان كيف غفل عن عمره ولم يستفد منه، وقد فات الأوان، ولا يمكنه عمل شئ فيقول عندها: إلهي أرجعني لعلي أعمل لقبري ومحشري، لعلي أصير إنسانا.
(رب ارجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا) (10).
لحظة الموت يرى أنه لم يعمل شيئا وقد انقضى عمره بالغفلة فيقول: إلهي ارجعني، فيقال له إن الرجوع محال.
يقول القرآن الكريم: إن هذه الاستغاثة لا تصدر فقط لحظة الموت بل عندما يذهب إلى جهنم، يقول هنا بحسرة وأنين إلهي ارجعني لأعمل لآخرتي، فلا يسمع سوى جواب النفي والرفض.
(وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل) (11).
يعني أن أهل جهنم يئنون ويتأوهون فيها وبعض كلامهم: ربنا ارجعنا إلى الدنيا لكي نعمل صالحا، فيقال لهم: ألم نعطك سبعين عاما من العمر، فماذا فعلت؟ ألم يكن لك شباب وشيخوخة؟ بأي عمل أفنيت شبابك؟ بأي شكل أمضيت شيبتك؟.
(أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وما جاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير) (12).
ألم نعطكم من العمر ما يكفي لكي تتذكروا، فلا تسمعون سوى جواب القهر الإلهي (فذوقوا) وتجرعوا هذا العذاب في جهنم فإن الظالم ليس له نصير.
ولكن هذا الظالم ظلم من؟ لقد ظلم نفسه، ولماذا ظلم نفسه؟ لأنه كان بوسعه وفي خمسين عاما من العمر، أو ستين عاما أو سبعين عاما، أن يدرك سعادة الدنيا والآخرة.
وكان باستطاعته أن يسعد الآخرين، ولو استثمر عمره لاستطاع أن يكون مفخرة من المفاخر.
إن الغفلة عن العمر والغفلة عن الشباب تسبب ذهاب الشباب هدرا.
العمر والشباب نعمة من العلو والعظمة إلى درجة أنه جاء في الرواية أن أهل المحشر عندما يردون صفوفه، يجري استجوابهم قبل الحساب والكتاب فيسألون عن أمرين: الأول عن العمر والثاني عن الشباب (13).
على الجميع وخاصة أعزائي الشباب من البنين والبنات أن ينتبهوا إلى العمر وينتبهوا إلى الشباب،
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»