الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ١٨
الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) (8).
الدنيا تمكر، الدنيا تشغل الإنسان، وإذا غرق الإنسان في الدنيا لا سمح الله، كمن يغوص في أوحال الذل والضعف، ويغوص أكثر لحظة بعد أخرى حتى يصل أخيرا لحظة الموت، كدودة القز تلف الخيط حولها حتى تختنق.
إذا تعلق الإنسان بالدنيا، إذا اتسعت غفلته عن هذا العدو. فضياع الإنسان أمر مسلم، وتنبيه القرآن المتكرر ينبئ بأنها عدو كبير.
لذا فأول شئ تجلبه الغفلة هو أن ننسى أعداءنا. عدو كالدنيا وعدو كالنفس الأمارة، وعدو كالشيطان أعداء كهذه تستدعي الحذر والانتباه يلزمنا الانتباه إلى هؤلاء الأعداء الثلاثة. وهؤلاء الأعداء معنا حتى نموت.
فأما أن نتغلب على هؤلاء بالانتباه والارتباط بالله والتوسل بأهل البيت (ع).
أو أن يتغلبوا بالغفلة، علينا ونكون من أهل النار.
2 - الغفلة عن العمر:
الغفلة الثانية التي تسبب الخيبة، هي الغفلة عن العمر. العمر نعمة غالية بشكل استثنائي، ولا توجد نعمة أرقى منها بعد نعمة الولاية.
المثل المشهور بين عامة الناس ان العمر كالذهب.
ولكن هنا خطأ، وهذا التشبيه اشتباه، العمر ليس ذهبا بل هو أكثر قيمة من الذهب، إذا التفت الإنسان إلى العمر والشباب لاستطاع في شبابه أن يؤمن سعادة الدنيا والآخرة.
نحن كثيرا ما نجد أشخاصا لم يمض من أعمارهم أربعون أو خمسون سنة لكنهم أصبحوا من المفاخر بسبب التفاتهم لأعمارهم فمنهم من كتب أكثر من مائتي كتاب لترويج الإسلام والتشيع وفقه التشيع.
وعلى عكس هؤلاء نجد كثيرا من الأشخاص عمروا مائة سنة، ولكنهم أتوا كحيوان، وأكلوا كحيوان، وذهبوا من الدنيا كحيوان لا غير.
أو كما تقول الرواية جاء كحجر وعاد إلى مكانه في جهنم رويدا رويدا، كإنسان عاش سبعين عاما وعندما مات ذهب مباشرة إلى جهنم.
(إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) (9).
هنا سوء الحظ لغفلة الناس ونومهم عن أعمارهم، كما قال النبي الأكرم (ص):
(الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا).
الناس نيام ولا
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»