المسألة الثانية قوله: " لماذا الرجوع إلى التاريخ وإني أرى في الرجوع إلى التاريخ محاولة لإيقاظ الفتنة من جديد " (1).
فأقول: لماذا نعتبر الرجوع إلى التاريخ جريمة أو إثما في ذلك أو ذنبا عظيما.
وأقول إن في التاريخ حقائق دفينة قد حفظها لنا وسجلها عبر عصور متراكمة وبعيدة، فلولا التاريخ لما عرفنا العقيدة التي نسير عليها ونستنير من خلالها، ونستلهم منها وجودنا الفكري وسلوكنا البشري.
فالتاريخ في الحقيقة والواقع حارس رقيب لا يغفل ولا يغيب، يراقب الخونة الذين كانوا يبيعون ضمائرهم لولاة الباطل بأبخس الأثمان، لقلب الحقائق رأسا على عقب، ولإظهار الأضاليل الكاذبة، إرضاء لنفوسهم الخبيثة وحكامهم الأخساء الأذلاء.
فصاحب العقيدة النقية الصحيحة لا يخاف من الرجوع إلى التاريخ، لأنه يرى في التاريخ الصحيح المرآة العاكسة لعقيدته النقية.
وأما المتزلزل العقيدة فالتاريخ يبين له الحق بواقعه، ويدع له الخيار في اتباعه أو تركه.
وأما المسلم القوي العقيدة فإن التاريخ يريه النعمة الوافرة التي قد من