يريد بحجة أن المرض قد اشتد به، فرأى أنه ليس من الصواب أن يكتب النبي وصيته لأن المرض قد اشتد به والفاروق نفسه لا يرى غضاضة من أن يكتب الصديق وصيته عند اشتداد المرض، ولا حرج على الفاروق نفسه لو كتب وصيته عند اشتداد المرض به مع أن المرض قد اشتد به وبالصديق أكثر مما اشتد برسول الله. وحادثة الحيلولة بين الرسول وبين كتابة ما أراد ثابتة لم يخلق بعد الذي سينكرها أو سيقوى على تبريرها، وحادثة وصية الصديق أثناء مرضه، ووصية الفاروق أثناء مرضه ثابتة كطلوع الشمس من المشرق، وهاتان الوصيتان هم أسس نظام الخلافة التاريخي.
تصريح الفاروق بأسباب المنع حاور الفاروق يوما ابن عباس فقال له: كيف خلفت ابن عمك؟ قال: فظننته يعني عبد الله بن جعفر، قال: فقلت: خلفته مع أترابه، قال عمر: لم أعن ذلك إنما عنيت عظيمكم أهل البيت، قال: قلت: خلفته يمتح بالضرب وهو يقرأ القرآن قال: يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها، هل بقي في نفسه شئ من أمر الخلافة؟ قلت: نعم. قال: أيزعم أن رسول الله نص عليه؟ قال ابن عباس قلت:
وأزيدك: سألت أبي عما يدعي من نص رسول الله (ص) عليه بالخلافة فقال:
صدق. قال عمر: قد كان من رسول الله في أمره ذروا - أي المكان المرتفع - من قول لا يثبت حجة ولا يقطع عذرا، ولقد كان يربع - يمتحن في أمره - وقتا ما ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعته (1).
رأي الفاروق بشعار لا ينبغي أن يجمع الهاشميون الخلافة مع النبوة قال عمر لابن عباس في حديث طويل دار بينهما: يا ابن عباس، أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمد (صلى الله عليه وآله)، قال ابن عباس: فكرهت أن أجيبه، فقلت: إن لم أكن أدري فإن أمير المؤمنين يدري، فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة فتجحفوا على قومكم بجحا بجحا؟، فاختارت قريش