معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٣٦٣
مرضي عنه (1). ولقد رد عليهم القرآن الكريم وبين أن الذين من قبلهم قالوا مثل قولهم فذاقوا العذاب، والعذاب لا يكون نتيجة لفعل رضي الله عنه.
ثم بين أن قولهم لا يستند إلا على الوهم والخيال. وتحداهم إن كان عندهم علم بهذا فليخرجوه. ولقد أراد طابور الشرك في مكة أن ينسج من مسائل القدر عقبات أمام الرسالة الخاتمة، ولكن القرآن الكريم أطاح بنسيجهم في آيات كثيرة ومنهم أيضا قوله تعالى: (وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه شئ)، ثم صرف الله تعالى الخطاب عنهم لسقوط فهمهم وقال لنبيه: (كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين * ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) (2)، قال المفسرون: فكأنهم يقولون: لو كانت النواهي التي جاءت بها الرسالة حقة، وإن النواهي لله سبحانه، كان الله سبحانه شاء أن لا نعبد شيئا غيره، وأن لا نحرم دونه شيئا، ولو شاء الله سبحانه أن لا نعبد غيره ولا نحرم شيئا، لم تعبد ولم نحرم لاستحالة تخلف مراده عن إرادته، لكنا نعبد غيره، ونحرم أشياء، فليس يشاء شيئا من ذلك، فلا نهي ولا أمر منه تعالى، ولا شريعة ولا رسالة من قبله.
هذا تقرير حجتهم على ما يعطيه السياق ومغزى مرادهم. إن عبادتهم لغير الله وتحريمهم لما حرموه، وبالجملة عامة أعمالهم، لم تتعلق بها مشيئة من الله ينهي، ولو تعلقت لم يعملوها. ثم قال تعالى لنبيه: (كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسول إلا البلاغ المبين)، خطاب للبني يأمره تعالى أن يبلغ رسالته بلاغا مبينا، ولا يعتني بما لفقوه من الحجة، فإنها داحضة والحجة التامة عليهم بالبلاغ. فالذين من قبلهم قالوا بهذا ولو كان قولهم صحيحا ما أذاقهم الله بأسه ودمر عليهم. وهؤلاء ركبوا سنن الذين من قبلهم وقالوا قولهم، ولقد أرسل الله لهم رسولا ليزيل من عقولهم بصمات سلفهم الضال. فالبلاغ حجة

(1) تاريخ المذاهب الإسلامية / محمد أبو زهرة 99.
(2) سورة النحل: الآية 35 - 36.
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459