مساحة للحوار - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٤٨
ومع ضغط الدولة، ووسائل إعلامها تكون رأي عام يرى أن الزندقة والكفر أخف جرما " من التشيع لأهل بيت النبوة أو من موالاتهم. وبالفعل، فإن الزنادقة والكفار والمنافقين لم يتعرضوا لعشر معشار ما تعرض له أهل بيت النبوة وشيعتهم. قال المدائني: (ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين، وولي عبد الملك بن مروان فاشتد على الشيعة وولى عليهم الحجاج بن يوسف الثقفي، فتقرب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه، وموالاة من يدعي أنهم من أعدائه) (1).
لم تتوقف الدولة الأموية عن التنقيب المستمر لإيجاد شخصيات إسلامية تأخذ الفضل من علي، أو تسبقه في هذا الفضل، وعن إيجاد جماعات إسلامية تقف على قدم المساواة مع أهل بيت النبوة وتسبقهم، فاخترع الأمويون وأشياعهم " (نظرية عدالة الصحابة) بثوبها الفضفاض، ونسبوا للصحابة جميعا " من الفضائل ما لم يخطر على البال لا حبا " بالصحابة، ولكن إرغاما " لأنوف أهل بيت النبوة ومواليهم!
قال ابن عرفة، المعروف بنفطويه، وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم، في تاريخه: (إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا " إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم) (2).
واستغل العباسيون حالة التعاطف مع قضية أهل بيت النبوة، وشكلا شيعة خاصة بهم، وغلب العباسيون بني أمية فحكموا، وكان المفترض أن تخف الوطأة عن أهل بيت النبوة وشيعتهم بسقوط الحكم الأموي وقيام حكم بني العباس أبناء عمومة الإمام علي، ولكن حكم بني العباس لم يقل وطأه على أهل البيت وشيعتهم من الحكم الأموي. وغلب العثمانيون بني العباس وأقاموا دولتهم الجديدة على أنقاض الدولة العباسية. وبقيت شيعة أهل بيت النبوة هاجس الدولة التاريخية، وبقي الحصار مفروضا " عليها. ومع أن دولة الخلافة التاريخية قد سقطت رسميا "

(1) المصدر نفسه: 3 / 595 - 596.
(2) المصدر السابق: 3 / 597.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 قصة تأليف الكتاب 7
3 شكوى صديق 7
4 الرغبة في المعرفة 7
5 خطة الحوار 8
6 الحوار في الكتاب 8
7 الباب الأول مفهوم الشيعة والتشيع الفصل الأول: معنى كلمة شيعة 13
8 الفصل الثاني: معنى كلمة شيعة في السياق التاريخي 21
9 الفصل الثالث: تدبير النبي وتدبير الشيع العربية 31
10 الفصل الرابع: شيعة أهل بيت النبوة، تكون وفرق 41
11 الباب الثاني الإمامة بعد وفاة النبي الفصل الأول: التنكر لنصوص الإمامة 73
12 الفصل الثاني: النصوص الشرعية الدالة على خلافة علي وإمامته 91
13 الباب الثالث عقيدة كل من الشيعة والسنة في جمع القرآن الكريم وذات رسول الله والأئمة من بعده، ومصادر التشريع الفصل الأول: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في جمع القرآن الكريم 105
14 الفصل الثاني: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في رسول الله محمد (ص) والأئمة من بعده 115
15 الباب الرابع نظرية عدالة الصحابة الفصل الأول: نظرية عدالة الصحابة عند الخلفاء وشيعتهم 129
16 الفصل الثاني: الصحابة والصحبة في مفهوم أهل بيت النبوة وشيعتهم 167
17 الباب الخامس التقية والمتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة الفصل الأول: التقية 177
18 الفصل الثاني: المتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة 185
19 الباب السادس الاختلافات الفقهية بين شيعة أهل بيت النبوة، وشيعة الخلفاء (أهل السنة) الفصل الأول: الوضع الأمثل وبذور الاختلاف 199
20 الفصل الثاني: محاولة لتقديم الإسلام في جو الخلاف والاختلاف 207
21 الفصل الثالث: نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين 219
22 الباب السابع الدعوة إلى وحدة المسلمين الفصل الأول: أسباب الخلاف والاختلاف 235
23 الفصل الثاني: منهاج دولة البطون التربوي والتعليمي 243
24 الفصل الثالث: من هم المراجع بعد الصحابة وسقوط دولة البطون؟ 257