مدافع الفقهاء ، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف - صالح الورداني - الصفحة ١٧٢
من الوجوه إلا رجل منافق يظهر الإسلام وهو منهم في الباطن أو رجل له غرض فاسد أو رجل جاهل في غاية الجهل لا يعرف السياسة الشرعية الإلهية تنصر سلطان المسلمين على أعدائه وأعداء الدين وإلا فمن كان عارفا ناصحا له أشار عليه بما يوجب نصره وثباته وتأييده واجتماع قلوب المسلمين عليه وفتحهم له ودعاء الناس له في مشارق الأرض ومغاربها وهذا كله إنما يكون بإعزاز دين الله وإظهار كلمة الله وإذلال أعداء الله تعالى.
وليعتبر المعتبر بسيرة نور الدين وصلاح الدين ثم العادل كيف مكنهم الله وأيدهم وفتح لهم البلاد وأذل لهم الأعداء لما قاموا من ذلك بما قاموا به، وليعتبر بسيرة من والى النصارى كيف أذله الله تعالى وكبته وليس المسلمون محتاجين إليهم ولله الحمد فقد كتب خالد ابن الوليد إلى عمر يقول إن بالشام كاتبا نصرانيا لا يقوم خراج الشام إلا به. فكتب إليه لا تستعمله. فكتب إنه لا غنى بنا عنه. فكتب إليه عمر: لا تستعمله " فكتب إليه: إذ لم نوله ضاع المال. فكتب إليه عمر " مات النصراني والسلام ".
وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن مشركا لحقه ليقاتل معه فقال له " إني لا أستعين بمشرك " وكما أن الجند المجاهدين إنما يصلحون إذا كانوا مسلمين مؤمنين وفي المسلمين كفاية في جميع مصالحهم ولله الحمد.
ودخل أبو موسى الأشعري على عمر بن الخطاب فعرض عليه حساب العراق فأعجبه ذلك فقال " ادع كاتبك يقرؤه فقال: إنه لا يدخل المسجد قال " ولم " قال " لأنه نصراني " فضربه عمر بالدرة فلو أصابته لأوجعته ثم قال: لا تعزوهم بعد أن أذلهم الله ولا تأمنوهم بعد أن خونهم الله، ولا تصدقوهم بعد أن أكذبهم الله " والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها قلوبهم واحدة موالية لله ورسوله ولعبادة المؤمنين معادية لأعداء الله ورسوله، وأعداء الدين وقلوبهم الصادقة وأدعيتهم الصالحة هن العسكر الذي لا يغلب والجند الذي لا يخذل فإنهم الطائفة المنصورة إلى يوم القيامة كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون، ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور).
فقد عرف أهل الخبرة أن أهل الذمة من اليهود والنصارى والمنافقين يكاتبون أهل دينهم بأخبار المسلمين وبما يطلعون على ذلك من أسرارهم حتى أخذ جماعة من المسلمين في بلاد
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 169 170 171 172 173 175 177 178 179 ... » »»
الفهرست