مدافع الفقهاء ، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف - صالح الورداني - الصفحة ١٦٢
فأجاب: الحمد لله. ما فتحه المسلمون كأرض خيبر التي فتحت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكعامة أرض الشام وبعض مدنها وكسواد العراق إلا مواضع قليلة فتحت صلحا وكأرض مصر فإن هذه - الأقاليم فتحت عنوة على خلافة عمر بن الخطاب وقد روي في أرض مصر أنها فتحت صلحا وروي أنها فتحت عنوة وكلا الأمرين صحيح على ما ذكره العلماء المتأهلون للروايات الصحيحة في هذا الباب فإنها فتحت أولا صلحا ثم نقض أهلها العهد فبعث عمرو ابن العاص إلى عمر بن الخطاب يستمده فأمده بجيش كثير فيهم الزبير بن العوام ففتحها المسلمون الفتح الثاني عنوة ولهذا روى من وجوه كثيرة أن الزبير سأل عمر بن الخطاب أن يقسمها بين الجيش كما سأله بلال قسم الشام فشاور الصحابة في ذلك فأشار عليه كبراؤهم كعلي ابن أبي طالب ومعاذين جبل أن يحبسها فيئا للمسلمين ينتفع بفائدتها أول المسلمين وآخرهم ثم وافق عمر على ذلك بعض من كان خالفه ومات بعضهم فاستقر الأمر على ذلك فما فتحه المسلمون عنوة فقد ملكهم الله إياه كما ملكهم ما استولوا عليه من النفوس والأموال والمنقول والعقار ويدخل في العقار معابد الكفار ومساكنهم وأسواقهم ومزارعهم وسائر منافع الأرض كما يدخل في المنقول سائر أنواعه من الحيوان والمتاع والنقد، وليس لمعابد الكفار خاصة تقتضي خروجها عن ملك المسلمين فإن ما يقال فيها من الأقوال ويفعل فيها من العبادات إما أن يكون مبدلا أو محدثا لم يشرعه الله قط أو يكون الله قد نهى عنه بعد ما شرعه وقد أوجب الله على أهل دينه جهاد أهل الكفر حتى يكون الدين كله لله وتكون كلمة الله هي العليا ويرجعوا عن دينهم الباطل إلى الهدى ودين الحق الذي بعث الله به خاتم المرسلين صلوات الله وسلامه عليه ويعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
ولهذا لما استولى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أرض من حاربه من أهل الكتاب وغيرهم كبني قينقاع والنضير وقريظة، كانت معابدهم مما استولى عليه المسلمون ودخلت في قوله تعالى (وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم) وفي قوله تعالى (ما أفاء الله على رسوله منهم) (وما أفاء الله على رسوله من أهل القرى) لكن وإن ملك المسلمون ذلك فحكم الملك متبوع كما يختلف حكم الملك في المكاتب والمدبر وأم الولد والعبد وكما يختلف حكمه في المقاتلين الذين يؤسرون وفي النساء والصبيان الذين يسبون كذلك يختلف حكمه في المملوك نفسه والعقار والأرض والمنقول.
وقد أجمع المسلمون على أن الغنائم لها أحكام مختصة بها لا تقاس بسائر الأموال المشتركة. ولهذا لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر أقر أهلا ذمة للمسلمين في
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست