مدافع الفقهاء ، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف - صالح الورداني - الصفحة ١١١
جميعها روايات ضعيفة وموضوعة واجماع أئمته من أهل الفقه والرواية على أنه لم تصح في معاوية منقبة وهذا ما شهد به البخاري وشارحه ابن حجر العسقلاني وإسحاق بن راهويه أستاذ البخاري.. (5) وقد تدارك ابن حجر الأمر وسد الباب أمام الشاكين في هذه الروايات بقوله: فإن قلت هذا الحديث المذكور سنده ضعيف فكيف يحتج به؟
قلت: الذي أطبق عليه أئمتنا الفقهاء والأصوليون والحفاظ أن الحديث الضعيف حجة في المناقب..
هكذا حسم ابن حجر المسألة بكل بساطة مع ما تحمل من استخفاف بالعقل وبالدين في آن واحد ومن الطبيعي أن يكون هذا توجه من جعل نفسه في خدمة الحكام وسخر النصوص لدعمهم وإضفاء المشروعية عليهم..
وتأمل ثناء ابن حجر على همايون الهندي الذي كتب كتابه في معاوية بتوجيه منه وذلك لقمع الذين ينتقصون معاوية في بلاده، أي أن ابن حجر سلم مدفعا لحاكم الهند ليسلطه على شعبه، وهو قد صنع هذا المدفع تقربا إلى الله ونصره لحاكم موال لأهل السنة خصما لأهل البدعة فمقياس الحاكم الصالح في نظر الفقهاء أن يكون ملتزما بمذهبهم، ومقياس الفقيه الصالح في نظر الحكام أن يكون مواليا لهم رهن إشارتهم باطشا بخصومهم مكفرا لهم..
ويسلط ابن حجر مدافعه على خصوم معاوية بقوله: أولئك كالانعام بل هم أضل سبيلا فلا يتأهلون لخطاب ولا يوجه إليهم جواب لأنهم معاندون وعن الحق ناكثون بل أشبهوا كفار قريش في العناد والبهتان حتى لم تنفع فيهم معجزة ولا قرآن، وأنما النافع لهم القتل والجلاء عن الأوطان كيف وهم لا يرجعون لدليل وشفاء العليل منهم كالمستحيل..
وهذا الكلام شديد التطرف من قبل ابن حجر تجاه خصوم معاوية هو بمثابة فتوى أو بمعنى أصح مدفع مسلط على المسلمين يناوله الفقهاء للحكام ليقمعوا به المعارضة التي يتزعمها المبتدعة والزنادقة..
ويستمر ابن حجر في إطلاق مدافعه على المخالفين بقوله: أحذر أيها الموفق أن تسترسل

(4) أنظر تفاصيل هذه القصة في آخر كتاب الصواعق. وفي كتابنا الكلمة والسيف..
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 115 116 117 ... » »»
الفهرست