مدافع الفقهاء ، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف - صالح الورداني - الصفحة ١١٠
المرتد عن الدين، وكأن الصحابة أصبحوا ركنا من أركان الإسلام..
ويبدو أن ابن حجر لم يقنع بما أحدثه مدفعه المسمى بالصواعق من خسائر وأضرار في المسلمين وعقولهم ودينهم فشهر مدفعا آخر ضد خصوم معاوية والطاعنين فيه كي يسكتهم إلى الأبد..
يقول ابن حجر: فهذه وريقات ألفتها في فضل سيدنا معاوية بن أبي سيفان رضي الله عنه وأرضاه وفي مناقبه وحروبه. وفي الجواب عن بعض الشبه التي استباح سبه بسببها كثير من أهل البدع والأهواء جهلا واستهتارا بما جاء عن نبيهم (ص) من المبالغة الأكيدة في التخدير عن سب أو نقص أحد من أصحابه، لا سيما أصهاره وكتابه ومن بشر بأنه سيملك أمته، ودعا له بأنه يكون هاديا مهديا..
دعاني إلى تأليفها الطلب الحثيث من السلطان همايون أكبر سلاطين الهند وأصلحهم وأشدهم تمسكا بالسنة الغراء ومحبة أهلها وما نسب إليه مما يخالف ذلك فبفرض وقوعه منه تنصل منه التنصل الدافع لكل ريبة وتهمة، كما يقطع بذلك التواتر عنه في أواخر أمره كأوله بل حكى لي من هو في رتبة مشايخ مشايخنا من بعض أكابر بني الصديق عنه أنه مكث أربعين سنة لا ينظر إلى السماء حياء من الله تعالى. وأنه إنما يأكل من كسب يده، وأن من قدم عليه من علماء أهل السنة بالغ في تعظيمه بما لم يسمع عن غيره ككثرة التردد عليه ومع سعة ملكه وأبهة عسكره جالسا بين يديه على التراب كصغار طلبته مطلقا عليه من الأرزاق والإنعام ما يلحقه بأكابر الأغنياء، وسبب طلبه ذلك أنه نبغ في بلاده قوم ينتقصون معاوية وينالون منه وينسبون إليه العظائم مما هو برئ منه لأنه لم يقدم على شئ مما صح عنه إلا بتأويل يمنعه من الإثم بل ويوجب له خطأ من الثواب، فأجبته إلى ذلك..
ولا يشك أحد أن معاوية من أكابرهم نسبا وقربا منه (ص) وعلما وحلما فوجبت محبته لهذه الأمور التي اتصف بها الإجماع، فمنها شرف الإسلام وشرف الصحبة وشرف النسب وشرف مصاهرته له (ص) المستلزمة لموافقته له (ص) في الجنة ولكونه معه فيها وشرف العلم والحلم والإمارة ثم الخلافة، وواحدة من هذه تتأكد المحبة لأجلها فكيف إذا اجتمعت، وهذا كاف لمن في قلبه أدنى إصغاء للحق وإذعان للصدق..
وهذا الدفاع المستميت من ابن حجر عن معاوية يشوبه الضعف والخلل والتناقض. فهو أولا قد حشد عشرات الروايات التي تمدح معاوية وتزكية على لسان الرسول (ص) وهي
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 115 116 ... » »»
الفهرست