دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٦٤
وهو ما غاب عن الفقهاء حين فسروا العصمة هذا التفسير الضيق وفق الروايات التي تبنوها وصاغوا للرسول شخصية أخرى هي شخصية العاشق المولع بالنساء واعتبروا هذا الجانب من شخصية الرسول مرتبط ببشريته ولا صلة ولا بنبوته ولا يتناقض معها إن العصمة لا تلغي عواطف الرسول ونوازعه البشرية ولكنها تضبط هذه العواطف والنوازع وفق مصلحة الرسالة..
والفقهاء تحت ضغط الروايات اضطروا إلى فصل العصمة عن النوازع واعتبروا أن للرسول مطلق الحرية في إطلاق نوازعه والتصرف في شهواته وأن ذلك كله لا يصطدم بأهداف الرسالة..
وإذا كانت حياة القادة ملكا لأمتهم. فكيف الحال بحياة الرسول المبعوث للعالمين وهو خاتم الرسل..؟
إن القائد الذي يهب نفسه لقضية يتفرق ويتجرد لها ولا يأتي بما يناقضها ويصطدم بمصالحها وأهدافها.
والرسول نبي وقائد. فكيف له أن يطلق العنان لشهواته ونوازعه ويأتي من السلوكيات والممارسات ما يثير الشبهات حوله ويشكك في دعوته..
ودفاع الفقهاء عن هذه السلوكيات والممارسات التي ألصقت بالرسول يعد صورة من صور الانحراف والتزييف التي لحقت بالدين بعد وفاة الرسول وهي قاعدة عامة مرت بها جميع الرسالات الإلهية. غير أن الصورة اختلفت مع الإسلام. فإن التزييف والتحريف جاء من جهة الروايات المخترعة التي باركها الفقهاء ودعموها بتفسيراتهم حتى كانت النتيجة هي تشويه الرسول..
ولا شك أن تشويه الرسول هو تشويه للدين الذي جاء به..
والفقهاء بهذه الصورة يكونوا قد أعادوا سيرة الأحبار والرهبان في أقوامهم.
بأن جعلوا هذه الروايات حكما على الرسول وعلى القرآن. ثم جعلوا أقوالهم حكما على هذه الروايات. وبالتالي أصبحت أقوالهم وتفسيراتهم هي الدين وتبعهم المسلمون على هذا. وهذه هي متاهة الأحبار والرهبان..
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 61 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست