دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٥٦
ذكرناها من أن القرآن وحده لا يكفي ولا بد من أن تكون السنة إلى جواره. وهي تقود إلى نفس النتيجة من أن القرآن والسنة سواء في التلقي والاعتقاد. وأنه لا فرق بين كلام الله وكلام الرسول.. وهي تهدف إلى إخراج الرسول من دائرة التبيين والتبليغ إلى دائرة أوسع وهي دائرة التشريع..
إن معنى قول الرسول أوتيت القرآن ومثله معه لا يحتمل إلا شيئا واحدا وهو أن السنة مثل القرآن. وهذا كلام لا يجوز في حق رسول قال فيه سبحانه: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل. لأخذنا منه باليمين. ثم لقطعنا منه الوتين. فما منكم من أحد منه حاجزين) [الحاقة: 44 - 47]..
وإذا كان معنى مثله معه هو البيان فهذا يرد الرواية من أصلها إذ ليس هناك تطابق بين التعبيرين..
والمسألة لا تحتمل وجها واحدا هو:
إما أن يكون الرسول قد قال مثل هذا الكلام..
وإما أن لا يكون قد قاله..
الأرجح أنه لم يقله. لأنه يتناقض مع دوره ورسالته..
ويعضد هذا ما ينسبه القوم إلى الرسول (ص) من أنه نهى عن كتابة الأحاديث وقال: " من كتب عني شيئا فليمحه "..
وقد كان شعار عمر وهو يطارد الأحاديث: الخوف من أن تختلط بالقرآن..
فإذا اعتمدنا روايات النهي عن كتابة الأحاديث..
وكلا الموقفين يقربهما الفقهاء..
فإن هذا يعنى رفض هذه الرواية واعتبارها مختلقة..
وإذا اعتمدنا رفض الموقفين فإن هذا يعني التشكيك في السنة وتناقضها وهو موقف يتجنبه الفقهاء.
وليس أمام الفقهاء من مخرج سوى أن يقروا أن السنة لا تخرج عن كونها جهد بشري وتراث علمي يحوي الغث والسمين والنافع والضار والحق والباطل
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 61 63 ... » »»
الفهرست