دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٢٣٤
كتابه. ليس الأمر في الواقع على ما يقتضيه هذا الظاهر وإنما تعين حمله على غير الظاهر لأن عبيد الله بن عبد الله بن عباس راوي الحديث تابعي من الطبقة الثانية لم يدرك القصة في وقتها لأنه ولد بعد النبي بمدة طويلة ثم سمع من ابن عباس بعد ذلك بمدة أخرى (1)..
وقال عياض: معنى كلمة الهجر التي ذكرها عمر - أفحش يقال هجر الرجل إذا هذى. وأهجر إذا أفحش (2)..
ويعلق ابن حجر على وصف النبي (ص) بالهجر بقوله: وقوع ذلك عن النبي مستحيل لأنه معصوم في صحته ومرضه لقوله تعالى (وما ينطق عن الهوى) (3)..
وقال النووي وغيره: قوله قد غلب عليه الوجع أي فيشق عليه إملاء الكتاب ظهر لعمر أن الأمر ليس للوجوب ودل أمره لهم بالقيام من عنده على أن أمره بالإتيان بآلة الكتابة كان على الاختيار ولهذا عاش (ص) بعد ذلك أياما ولم يعاود أمرهم بذلك ولو كان واجبا لم يتركه لاختلافهم لأنه لم يترك التبليغ لمخالفة من خالف وقد كان الصحابة يراجعونه في بعض الأمور ما لم يجزم بالأمر كما راجعوه يوم الحديبية في الخلاف وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش فإذا اعتزم امتثلوا وقد عد هذا من موافقات عمر. واختلف في المراد بالكتاب فقيل كان أراد أن يكتب كتابا ينص فيه على الأحكام ليرتفع الخلاف وقيل بل أراد أن ينص على أسامي الخلفاء حتى لا يقع بينهم الاختلاف (4)..
وقولنا في هذا كله وهو ما يلي:
أولا: إن الرواية الأولى تنص على وجوب الوصية وعدم جواز أن يبيت المرء دون أن يكتب وصيته. فإذا كانت الوصية واجبة في الأموال فهي أكثر وجوبا في أمور الدين ومستقبل الدعوة الخاتمة..

(1) المرجع السابق..
(2) المرجع السابق..
(3) المرجع السابق..
(4) مسلم هامش باب ترك الوصية.. كتاب الوصية..
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست