الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٩٣
والقرآن يتحدث عن الصحابة بكل واقعية، ويستخدم عبارات تدل على أن الصحبة ليست ميزة في ذاتها، بقدر ما هي مرهونة بما يقدمه الصحابي من عمل صالح، يقول تعالى:
" محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ".
فكلمة " منهم " تعبير عن اختصاص فئة معينة بالمغفرة والأجر العظيم. ليس ذلك لقاء تمحورهم وصحبتهم للرسول (ص) وإنما لقاء إيمانهم وعملهم الصالح.
" وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما ".
وبمقتفى المفهوم بالمخالفة، يبقى منهم من ليسوا من أهل الإيمان ولا من أصحاب العمل الصالح. وعلى ذلك الأساس يحرمون المغفرة والأجر العظيم.
وكان هذا هو شأن أهل بيعة الرضوان الذين قال فيهم تعالى:
" لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ".
فإن تخصيص فئة منهم بالثواب أمرا اقتضاه الواقع من حالهم. إذ هناك من حضر بيعة الرضوان وهو ليس من ذاك المقام. بل هناك من عرف بالنفاق. وقد حضر بيعة الرضوان فيمن حضرها عبد الله بن أبي رأس النفاق، وأوس بن خولي. فكونهم من أهل بيعة الرضوان يستبطن مغزى عميقا، لا بد من البحث عنه وراء منطوق الآية الكريمة. فالبيعة وحدها لا تكفي للحكم على أصحابها.
فعنصر الزمن الذي يعكس مدى صدق هذه البيعة من خلال استمرارية أصحابها عليها أم تراجعهم عنها. فقيمة البيعة هي في مدى الالتزام بشروطها كلها، وتنحل تلك القيمة مع خروج أصحابها عليها. وكثير ممن حضر بيعة الرضوان لم يلتزم بتلك الشروط كما سنرى.
وكان ذلك متوقفا على مدى صبره واستمرارهم عليه. وقد سمعوا ذلك من الرسول (ص) إذ قال لهم: " إني فرطكم على الحوض من مر علي شرب وشرب لم يظمأ أبدا، ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم فأقول أصحابي
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235