الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٩٢
من أصحابه فقالت فرقة منهم: نقتلهم، وقالت فرقة: لا نقتلهم، نزلت الآية الكريمة: " فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا ".
وحكم كل من عمار وبن مسعود بالكفر على عثمان وثاروا ضده مع جمع من الصحابة " وقالت عائشة اقتلوا نعثلا - تعني عثمان - فقد كفر (78) ".
وفي ذلك قال لها ابن أم كلاب:
وأنت أمرت بقتل الإمام * وقلت لنا أنه قد كفر (79) ويوم السقيفة عندما قال أناس: اتقوا سعدا، لا تطؤوه: قال عمر:
اقتلوه، قتله الله.
وإذا تبين أن الصحابة لم يكونوا يفهمون الصحبة بذاك المعنى الذي اصطلح عليه أهل الحديث المتأخرين. أدركنا إذ ذاك أنهم رجال كباقي الرجال مرهونون هم أيضا بذنوبهم، ومطالبون بالعمل الصالح، وموعودون بنار جهنم. فإذا كان هذا هو موقف الصحابي من أخيه الصحابي، ترى أي موقف كان للرسول (ص) منهم؟.
كان رسول الله (ص) يسكت عمن حوله، ويسمي كل من حوله صاحب.
وكان ذلك تساهلا منه وتأدبا. وكانت كلمة صحابي تقال في مواقع مختلفة. فتارة يذكرها في السفر وأخرى في الحضر، مرة يعني بها من صاحبه في الطريق. وأحيانا يقولها عمن صاحبه في قضيته. وأخرى لمن أحاط به وسمع كلامه. ولهذا سمى الذين هموا بقتله ب‍ " أصحابي "، يوم تبوك كما تقدم.
إن كلمة صحابي في عهد رسول الله (ص) كانت تأخذ طابعا أدبيا يشترك فيها البر والفاجر، المؤمن والمنافق. ولم تكن العدالة منحة رخيصة عند الصحابي في عهد رسول الله (ص) بل هي أمر له صلة بعمل الإنسان، لذا قال لهم مرة:
" ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتحثه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصمه الله (80) ".

(78) الطبري ابن الأثير.
(79) الطبري ابن الأثير.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 97 98 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235