الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٩٠
الفسوق، ما حجتنا عند الله (117) ".
وذكر الطبري (118) أن معاوية أرسل إلى عبد الله ابن عمر مائة ألف درهم فقبلها فلما ذكر البيعة ليزيد، قال ابن عمر: هذا أراد؟ إن ديني إذن علي لرخيص.
وفي هذا بيان شافي لما انتحله ابن خلدون من فرار بن عمر كان ورعا منه.
فهل ورعه هو الذي جعله يرفض الدخول في مثل هذا الأمر، أم أن المسألة قد تكون على جانب من الصواب إذا ابتنيناها على الأساس الدنيوي والمصلحي للخلافة، كما اعتقد ابن خلدون.
لقد اعتمد معاوية أسلوبين في إجبار الناس على البيعة، الأسلوب الأول يكمن في شراء الأصوات بالمال، كما ذكر ابن الأثير، إن المغيرة أوفد مع ابنه موسى عشرة ممن يثق بهم من شيعة بني أمية، وأعطاهم ثلاثين ألف درهم، فقدموا عليه، وزينوا له بيعة يزيد، فقال معاوية: لا تعجلوا بذا، وكونوا على رأيكم؟ ثم قال لموسى سرا: بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟ قال:
بثلاثين ألفا، قال: لقد هان عليهم دينهم.
ومنها أيضا ما سبق أن ذكرناه في حق بن عمر عندما بعث إليه معاوية بالمال لقاء البيعة، وبهذا الأسلوب يكون معاوية قد بنى ملكه على حساب الدين، ولم يبق أي مصلحة في ما رآه معاوية، إنه يدرك قبلا، م أن الدين عائق لبيعة ابنه يجب أن يشترى بالمال.
أما الأسلوب الثاني، فهو الاكراه والتهديد، وهذا ما اشتبه المؤرخون من أن معاوية كان يهدد من خالف البيعة ويجزل عطاء من بايع (119).
يقول ابن الأثير: " وكان معاوية يعطي المقارب ويداري المباعد ويلطف به حتى استوثق له الناس وبايعه (120) ".

(117) تاريخ اليعقوبي.
(118) تاريخ الطبري وابن الأثير.
(119) العقد الفريد لابن عبد ربه.
(120) تاريخ ابن الأثير.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235