الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٨٧
كذلك، فإن أباه أولى بذلك لحرصه على قتال بني أمية، فمن قال إن الإمام الحسين دفع به الظن بالشوكة، وهو يعلم أن العدو يملك من أمرها ما لا يملك، ولكن خروجه كان اضطراريا، وحتى لا يذل بيعته، ويجعلها قرينة - عبر الأجيال - لتصويب خلافة الفساق، ومن جهة أخرى، كان الإمام قد استقدم من قبل أهل الكوفة، الذين أضعفوا شوكته بخذلانهم.
إن ابن خلدون وقع في التباس خطير، عندما اعتبر الاجتهاد منطلقا لثورة الحسين (ع) ويكفيه أن يرجع إلى الخلف، ليرى أن محاربة الخلافة الظالمة كانت ديدنا للبيت الهاشمي.. فأبوه قاتل معاوية.. وكذلك ابنه الحسن (ع) فأي اجتهاد والحكم بفسق يزيد بن معاوية هو مما أقر به بن خلدون نفسه.. وأهليته في إدراك شرع الله كان مما أقر به أيضا، في قوله:
وقد غلط القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في هذا فقال في كتابه الذي سماه بالعواصم والقواصم ما معناه إن الحسين قتل بشرع جده، وهو غلط حملته عليه الغفلة عن اشتراط الإمام العادل، ومن أعدل من الحسين في زمانه في إمامته وعدالته في قتال أهل الآراء (110).
هنا يتبين التناقض المهول الذي تاه فيه ابن خلدون.. أليس جوهر ما ينطق به هو أن من شرع جده أن ينهض يزيد لقتله وأن يسكت أصحابه على ذلك وعدم الخروج على فسقه.
هل هناك منطق يعترف بهذا النوع من التصويب المبتذل الذي يجعل للحق أكثر من وجه:
" والحسين فيها شهيد مثاب، وهو على حق واجتهاد، والصحابة الذين كانوا مع يزيد على حق أيضا واجتهاد (111) ".
ومن هو الذي على باطل، ومن هو الذي يستحق القتل؟
إن منطق القياس (القياس المبتذل)، هو حمار المصوبة في كل المناسبات الذي

(110) نفس المصدر ص 229.
(111) نفس المصدر ص 229.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235