الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٧٤
وعليه، فإن أبا ذر كان قد أخرجه عثمان قهرا. ويدل على ذلك ما رواه الواقدي: " إن أبا الأسود الدؤلي قال: كنت أحب لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه، فنزلت الربذة، فقلت له: ألا تخبرني، خرجت من المدينة طائعا، أم أخرجت؟ فقال: " كنت في ثغر من ثغور المسلمين، أغنى عنهم فأخرجت إلى المدينة، فقلت: أصحابي، ودار هجرتي، فأخرجت منها إلى ما ترى ".
وفي يوم الدار حيث اقتحم الثوار بيت عثمان، ودخل محمد بن أبي بكر على عثمان.
قال ابن خلدون: " ودخل عليه محمد بن أبي بكر فحاوره طويلا بما لا حاجة إلى ذكره، ثم استحيا وخرج. ثم دخل عليه السفهاء فضربه أحدهم " (93).
وليت شعري - هذه المرة - أي حوار طويل هذا الذي جرى بين الاثنين، وعلى أي أساس رأى ابن خلدون عدم الحاجة إلى ذكره، وكيف أن محمد بن أبي بكر استحيا وخرج؟!.
وهلا استحيا وهو يسير إليه من مصر إلى المدينة في وفد كبير. دعنا ننقل ذلك الحوار الطويل لنرى هل فعلا لا تدعونا الحاجة إلى ذكره أم لا.
لما دخل محمد بن أبي بكر على عثمان قال له هذا الأخير: ويحك! أعلى الله تغضب! هل لي إليك جرم إلا أني أخذت حق الله منك؟ فأخذ محمد بلحيته، وقال: أخزاك الله يا نعثل!.
قال: لست بنعثل، ولكني عثمان وأمير المؤمنين، فقال: ما أغنى عنك معاوية وفلان وفلان!.
فقال عثمان: يا ابن أخي، دعها من يدك، فما كان أبوك ليقبض عليها، فقال: لو عملت ما عملت في حياة أبي ليقبض عليها، والذي أريد بك أشد من قبضتي عليها. فقال: استنصر الله عليك وأستعين به، فتركه وخرج، وقيل: بل طعنه في جبينه بمشقص كان في يده (94).

(93) نفس المصدر ص 514.
(94) ابن أبي الحديد في شرح النهج.
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235