الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٧٨
ورد عنها بينما عثمان يخطب إذ دلت قميص رسول الله (ص) ونادت: " يا معشر المسلمين، هذا جلباب رسول الله لم يبل وقد أبلى عثمان سنته، فقال عثمان رب اصرف عني كيدهن إن كيدهن عظيم (100) ".
هذا هو موقفها منه وإنها لم ترجع عن ذلك إلا بعد أن قيل لها إن عليا (ع) قد بويع، فقالت عندها:
" يا أيها الناس إن عثمان قتل مظلوما والله لأطلبن بدمه، وكانت تقول: يا معشر قريش إن عثمان قد قتل، قتله علي ابن أبي طالب، والله لأنملة - أو قالت - لليلة من عثمان خير من علي الدهر كله (101) ".
والمستفاد من أخبار المؤرخين.. إنها لم تقل ذلك إلا بعد أن علمت بيعة علي .. من قول عبيد بن أم كلاب، السابق، وقبل ذلك كانت بمكة، وأخبرت بقتله من دون سماع بيعة علي. قالت: أبعده الله، ذاك بما قدمت يداه وما الله بظلام للعبيد.. وكانت تقول: أبعده الله، قتله ذنبه، وأماده الله بعمله، يا معشر قريش لا يسومنكم قتل عثمان كما سام أحمر ثمود قومه، إن أحق الناس بهذا الأمر ذو الإصبع - تقصد طلحة - ثم أقبلت مسرعة إلى المدينة، وهي لا تشك في أن طلحة هو صاحب الأمر، وكانت تقول: بعدا لنعثل وسحقا، إيه ذا الإصبع، إيه أبا شبل، إيه ابن عم، لك أبوك أما إنهم وجدوا طلحة لها كفؤا، لكأني أنظر إلى إصبعه وهو يبايع، حثو الإبل ودعدعوها، ولما انتهت إلى " سرف " قرب مكة في الطريق إلى المدينة، لقيها عبيد بن أم كلاب (102) فحدث بينهما ما قدمناه.
والآن تبين لك عزيزي القارئ.. كيف أن عائشة كانت تريد الأمر لابن عمها، تعصبا لبني تيم بن مرة.. وإنها لم تعدل عن قولها إلا بعد أن نزل عليها خبر المبايعة لعلي (ع) كالصاعقة.. فأرعدت وأمطرت.
لقد كان علي (ع) شجا في حلقها.. قذى في عينها.. وقد أسرها موته حين حزن لذلك المؤمنون، وعبرت عن ضعنها حين وصل إليها خبر مقتله:

(100) تاريخ اليعقوبي.
(101) نفس المصدر.
(102) الطبري في التاريخ وابن سعد في الطبقات.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235