الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٧١
مال المسلمين (88).
وللبيب أن يتسأل، هل بعد هذا كله كان أبو ذر ضحية تمويه. وصدق طه حسين، حين استسرف الأمر قائلا: " ومن هذا التلقين إلى أن يقال أنه الذي لقن أبا ذر مذهبه كله في نقد الأمراء والأغنياء وتبشير الكانزين للذهب والفضة بمكاو من نار، وما أعرف إسراف يشبه هذا الاسراف (89) ".
وينقلب السحر على الساحر في عملية العرض المغرضة ليكون ابن خلدون أحيانا عراب فضيحته فقد ذكر أنهم أتوا به إلى معاوية، وإنه لمن الحظ تأييد هذه الأكذوبة فمعاوية الذي ضاق بأبي ذر الغفاري حتى أخرجه من الشام وشكاه إلى عثمان. كيف لا ينبس ببنت شفة أمام عبد الله بن سبأ وهو الذي أثار أبا ذر على معاوية حسب زعمهم.
ثم كانت الطامة الكبرى والبطشة الأخرى، كما نسجها المنوال الردئ عندما اعتبر ابن خلدون خروج أبي ذر إلى الربذة محض اختيار.
ولا بد هنا من الاعتراض على ابن خلدون، ونقول له إن أبا ذر خرج ثلاث مرات وليس مرة واحدة، أخرج المرة الأولى من المدينة إلى الشام، وأخرج في الثانية من الشام إلى المدينة، وفي الثالثة من المدينة إلى الربذة وكان عثمان هو من أجبره على كل ذلك.
لقد نفي إلى الشام عندما شكاه مروان، ورجع إلى المدينة بطلب من عثمان بعد أن شكاه معاوية ومن المدينة هجر إلى الربذة بعد أن ضاق به عثمان ذرعا، وسوف نتعرض فقط للصورة التي تم تهجير أبي ذر عليها من المدينة إلى الربذة، والطريقة التي جاء بها إلى المدينة من الشام.
عندما ضاق معاوية بأبي ذر الغفاري بالشام واستنجد عليه بعثمان طلب منه هذا الأخير أن يشخصه إليه في أغلظ مركب وأوعره (90).

(88) مروج الذهب ص 342 ج 2.
- راجع عثمان والفتنة الكبرى من كتابنا الانتقال ص 191 ط الأولى دار النخيل.
(89) إسلاميات طه حسين ص 761، ط الأولى 1967.
(90) مروج الذهب 349 ج 2.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235