الخدعة ، رحلتي من السنة إلى الشيعة - صالح الورداني - الصفحة ٦٧
وفي مواجهة الأحاديث الواردة حول الأئمة الاثني عشر الواردة في مسلم اضطر القوم إلى صرفها عن معناها وتحويلها نحو الحكام حتى لا تكون حجة عليهم من قبل خصومهم الشيعة (17)..
وقد حدد الفقهاء الأئمة الاثنا عشر الذين بشر بهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وربط عزة الإسلام بهم في دائرة الخلفاء وحكام بني أمية. فأولهم أبو بكر - ثم عمر - ثم عثمان - ثم - علي - ثم معاوية ثم يزيد بن معاوية ثم عبد الملك بن مروان وأولاده الأربعة الوليد وسليمان ويزيد وهشام ثم عمر بن عبد العزيز وبعدهم أخذ الأمر في الانحلال (18)..
وبتفحص سيرة هؤلاء دون سيرة الإمام بالطبع سوف يتبين لنا أنه لا تتوافر في أحدهم أدنى صفات الإمامة وأن هؤلاء لا يخرجون عن كونهم مجرد حكام طبق عليهم الفقهاء النص تحت ضغط السياسة ولصرف المسلمين عن أئمة آل البيت الذين يقصدهم النص والذين تنطبق سيرتهم وصفاتهم على النص المذكور (19)..
ولقد تبين لي أن فقهاء القوم يتتبعون الروايات الواردة في آل البيت والروايات التي تساندهم ويعمدون إلى تأويلها وتبريرها حتى يغلقوا باب الشك حول خطهم وأطروحتهم..
ففي مواجهة رواية غضب فاطمة وهجرها لأبي بكر فلم تكلمه حتى ماتت.
ينقل ابن حجر أقوال الفقهاء حولها على النسق التالي:
فلم تكلمه: أي فلم تكلمه في ذلك المال.
أن فاطمة حملت كلام أبي بكر على أنه لم يسمع ذلك من رسول الله وإنما سمعه من غيره ولذلك غضبت.. ومن قول فاطمة لأبي بكر وعمر لا أكلمكما أي في هذا الميراث (20)..
ونقل عن بعضهم: إنما كانت هجرتها انقباضا عن لقائه والاجتماع به وليس ذلك من الهجران المحرم.. وأما سبب غضبها مع احتجاج أبي بكر بالحديث فلاعتقادها تأويل الحديث على خلاف ما تمسك به أبو بكر وكأنها اعتقدت تخصيص العموم في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا نورث. ورأت أن منافع ما خلفه من أرض وعقار لا يمتنع أن تورث عنه. وتمسك أبو بكر بالعموم. واختلفا

(١٧) - من هذه الأحاديث قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة.. وقوله: أن هذا الأمر - الدين - لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة.. أنظر مسلم. كتاب الإمارة. وانظر البخاري كتاب الأحكام (باب ٥١).. وانظر مقدمة تأريخ الخلفاء للسيوطي..
(١٨) - أنظر شرح العقيدة الطحاوية. وفتح الباري (ج ١٣) أخر كتاب الأحكام. وشرح النووي لمسلم. والقوم قد جعلوا الإيمان بهؤلاء الاثني عشر من أصول الإعتقاد.
(١٩) - إن أئمة آل البيت الذين قصدهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأغفلهم القوم تحت تأثير السياسة هم:
الإمام علي بن أبي طالب. والإمام الحسن بن علي. والإمام الحسين بن علي. والإمام علي بن بن الحسين زين العابدين. والإمام محمد بن علي الباقر. والإمام جعفر بن محمد الصادق. والإمام موسى بن جعفر الكاظم. والإمام علي بن موسى الرضا. والإمام محمد بن علي الجواد. والإمام علي بن محمد الهادي.
والإمام الحسن بن علي العسكري. ثم الإمام المهدي المنتظر.. أنظر سيرة هؤلاء الأئمة في كتاب أعيان الشيعة لمحسن الأمين. وسلسلة حياة الأئمة لباقر شريف القرشي. وسيرة الأئمة الاثني عشر لهاشم معروف الحسني. والتاريخ الإسلامي لمحمد تقي المدرسي. والقوم يمرون على سيرة هؤلاء الأئمة مرور الكرام في كتب التأريخ. أنظر الكامل لابن الأثير والبداية والنهاية لابن كثير.
(20) - أنظر فتح الباري (ج 6 / 202).
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 63 64 65 66 67 68 69 70 73 74 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 أول الطريق 9
3 تشريح الواقع 12
4 الاخلاق 14
5 رحلات 17
6 هوامش 20
7 التحرر من الماضي 21
8 تيار التكفير 24
9 فكرة الحاكمية 26
10 كبت العقائد 29
11 الفرقة الناجية الاتباع 31
12 هوامش 34
13 الدين و التراث 37
14 ما هو الدين؟ 40
15 ما هو التراث 42
16 الحق و الباطل 44
17 التراث السني و التراث الشيعي 49
18 هوامش 52
19 رحلة الشك 53
20 بنو أمية 56
21 هوامش 61
22 التأويل و التبرير 63
23 هوامش 70
24 الرسول و النساء 73
25 هوامش 79
26 علم الحديث 81
27 هوامش 90
28 الصحابة 93
29 هوامش 99
30 الاجتماع 101
31 هوامش 107
32 تضخيم الرجال 109
33 تجريح الامام علي 112
34 العشرة المبشرون بالجنة 115
35 هوامش 122
36 عمر 125
37 هوامش 132
38 عثمان 135
39 هوامش 142
40 الطرح الشيعي 143
41 القرآن و العقل 146
42 الامام علي 148
43 الاجتهاد 150
44 هوامش 153
45 إشكاليتان 155
46 مكمن الإشكالية 157
47 مسالة العصمة 162
48 الغيبة 165
49 هوامش 171
50 بعد التشيع 173
51 الشخصية المصرية 176
52 مع حركة التشيع 184
53 هوامش 187
54 القرآن 189
55 جمع القرآن 191
56 مصاحف الصحابة 196
57 ترتيب القرآن 202