الخدعة ، رحلتي من السنة إلى الشيعة - صالح الورداني - الصفحة ٣٠
النسفية والعقيدة السلفية. والعقيدة الحموية. والعقيدة الواسطية..؟ (19).
أليست هذه التسميات تشبه تسميات النصارى لأناجيلهم المختلفة: إنجيل متى. وإنجيل لوقا. وإنجيل يوحنا. وإنجيل مرقس وخلافه..؟ (20).
لقد خرجت من هذه التأملات بنتيجة مفادها أن جميع هذه الأمور لا صلة لها بالعقيدة وأن العقيدة الحقيقية هي شئ آخر غير هذه المفاهيم والأطروحات التي لا تخرج عن كونها أطروحات فرضتها السياسة وباركها الفقهاء (21).
إلا أن هذه النتيجة لم ترح عقلي فقد كنت أشك أن هناك سرا أو دافعا قويا وراء حشو كتب العقائد بمثل هذه الأمور..
وهذا التفسير كما هو واضح لا يحسم الأمر ويرجح كفة أهل السنة. ففضلا عن كون هذا الحديث (22) هو الدليل الوحيد الذي يتمسكون به لإثبات هذا الادعاء.
فهو من جهة أخرى ظني الدلالة ولا يفيد معنى قطعيا من هذه المسألة.. (23) وإن صح التسليم بمنطق أهل السنة فهذا يعني كفر جميع الفرق الأخرى.
وانحصار الحق في دائرتهم. وهذا أمر يرفضه العقل فهم لا يتميزون عن الآخرين بشئ وما يطرحونه لا يخرج عن كونه اجتهادا يحتمل الخطأ والصواب.. (24) ولقد كانت كتب العقائد تزكي في نفوس الشباب مفهوم أهل السنة للفرقة الناجية مما كان يدفع بهؤلاء الشباب إلى الاستسلام المطلق لأطروحتهم وقبول محتوياتها دون قيد أو شرط وقد عشت طويلا في هذا الوهم حتى هداني عقلي إلى التحرر منه بفضل الله تعالى..
إن فكرة الفرقة الناجية لم تكن لتتوافق مع اتجاه يوالي بني أمية وبني العباس وغيرهم من الحكام أصحاب التاريخ المسطر بدماء المسلمين..
ولم تكن لتتوافق مع فقهاء يبررون مواقف وممارسات هؤلاء الحكام (25)..
لم تكن لتتوافق مع أناس يهينون الرسول ويفضحونه (26)..
وكيف يقبل العقل وتستريح النفس إلى أن شخصا مثل يزيد بن معاوية يمكن أن يكون من الفرقة الناجية..؟
إن قوما بهذه العورات يغرقون في هذه الانحرافات لا يمكن أن يكونوا من

(19) - أنظر مناقشة هذه الكتب في كتابنا فقه الهزيمة. وهذه الكتب عدا كتاب العقيدة النسفية. تقوم بطبعها وتوزيعها بعض الدول مجانا على المسلمين في كل مكان..
(20) - أنظر عرض هذه النصوص في باب رحلة الشك.
(21) - من هذه الكتب كتاب الفرق بين الفرق للبغدادي. وكتاب الملل والنحل للشهرستاني. وكتاب مقالات الإسلاميين للأشعري.
(22) - رواه أبو داود وأحمد وابن ماجة. والحديث من رواية معاوية.. تأمل. وقد انتقد الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الراحل هذا الحديث في كتابه التفكير الفلسفي في الإسلام. كما انتقده الشيخ الغزالي في كتابه المستشرقون.
(23) - أنظر مناقشة هذا الحديث في كتابنا فقه الهزيمة. وأنظر المراجع السابقة.
(24) - أنظر عقائد السنة وعقائد الشيعة.
(25) - أنظر فصل التبرير والتأويل من الكتاب.
(26) - أنظر فصل الرسول والنساء.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 37 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 أول الطريق 9
3 تشريح الواقع 12
4 الاخلاق 14
5 رحلات 17
6 هوامش 20
7 التحرر من الماضي 21
8 تيار التكفير 24
9 فكرة الحاكمية 26
10 كبت العقائد 29
11 الفرقة الناجية الاتباع 31
12 هوامش 34
13 الدين و التراث 37
14 ما هو الدين؟ 40
15 ما هو التراث 42
16 الحق و الباطل 44
17 التراث السني و التراث الشيعي 49
18 هوامش 52
19 رحلة الشك 53
20 بنو أمية 56
21 هوامش 61
22 التأويل و التبرير 63
23 هوامش 70
24 الرسول و النساء 73
25 هوامش 79
26 علم الحديث 81
27 هوامش 90
28 الصحابة 93
29 هوامش 99
30 الاجتماع 101
31 هوامش 107
32 تضخيم الرجال 109
33 تجريح الامام علي 112
34 العشرة المبشرون بالجنة 115
35 هوامش 122
36 عمر 125
37 هوامش 132
38 عثمان 135
39 هوامش 142
40 الطرح الشيعي 143
41 القرآن و العقل 146
42 الامام علي 148
43 الاجتهاد 150
44 هوامش 153
45 إشكاليتان 155
46 مكمن الإشكالية 157
47 مسالة العصمة 162
48 الغيبة 165
49 هوامش 171
50 بعد التشيع 173
51 الشخصية المصرية 176
52 مع حركة التشيع 184
53 هوامش 187
54 القرآن 189
55 جمع القرآن 191
56 مصاحف الصحابة 196
57 ترتيب القرآن 202