الخدعة ، رحلتي من السنة إلى الشيعة - صالح الورداني - الصفحة ٢٧
للحاكم المتحالفة معه. وتيار الجهاد تبنى وجهة ابن تيمية المعادية لبعض الحكام الذين ارتدوا من بين التتر الذين أسلموا وهي رؤية شاذة في الفقه السني. بينما تبنى الخط القطبي رؤية انعزالية متشددة تعتمد أساسا على اجتهادات سيد قطب.. (10) ويعد تيار الأخوان هو التيار الوحيد من بين هذه التيارات الذي دخل معترك العمل السياسي حاملا فكرة الحاكمية ودخل في تحالفات مع الحكومة والأحزاب لم تحقق له نجاحا يذكر. بينما آثرت التيارات الأخرى أن تتبنى رؤية انعزالية تجاه الواقع ووصل الأمر ببعضها إلى تكفير الذين يمارسون العمل السياسي من الإسلاميين (11).
ومثل هذا التخبط في تحديد ماهية الحاكمية بين التيارات الإسلامية المعاصرة إنما يعود إلى تخبط فقهاء السلف في تحديد ماهيتها حيث وقفوا أمام قوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) (المائدة: 44) موقفا تبريريا يطوع النص لغير غرضه الظاهر حيث قالوا: كفرا دون كفر ولم يجرؤ أحد منهم على توجيه هذا النص نحو حكام زمانه. وقد انتقلت هذه الرؤية إلى التيارات الإسلامية المعاصرة وتبناها تيار الأخوان والسلفيين بينما نبذها تيار الجهاد والقطبيين على أساس أن حكام اليوم غير حكام الأمس. وإذا لم يكن حكام الأمس قد تجاوزوا حدود الإسلام فإن حكام اليوم تجاوزوها ودخلوا دائرة الكفر البواح التي جعلها فقهاء الأمس شرطا أساسيا لوجوب الخروج على الحكام حسبما نص الحديث النبوي.. (12) مثل هذه المواقف التي تبناها فقهاء الأمس من الحكام والتي بنيت في مجملها على أساس مجموعة من الأحاديث المنسوبة للرسول (صلى الله عليه وآله) والتي لا يستريح لها قلب المؤمن ولا عقله، أثارت الشك في نفسي وزكت نزعة الاعتقاد بأن السياسة تدخلت في صياغة الإسلام. وإذا كان الرسول من الممكن أن يقول هذا الكلام فما هو دور الإسلام إذن. وهل جاء ليقر الظلم ويمنح الحاكم سلطة استعباد الناس والاستيلاء على أموالهم.. (13) إن مواقف فقهاء الأمس السلبية من الحكام والمبررة لأفعالهم وممارساتهم المتناقضة مع الإسلام قد انعكست على واقع الحركة الإسلامية اليوم وعلى تصوراتها (10) - أنظر كتابنا الحركة الإسلامية في مصر. ولابن تيمية فتوى شهيرة تجيز مقاتلة معطلي الشرائع من الحكام وقد بناها على أساس حكام التتر الذين أسلموا وحكموا فيما بينهم كتاب " الياثق " وهو كتاب من وضع جنكيز خان ويحوي أحكاما من التوراة والإنجيل والقرآن ومن عنده. وقد اعتمد تيار الجهاد على هذه الفتوى في تبرير صدامه مع الحكومة المصرية. أنظر فتاوى ابن تيمية. وكتاب الفريضة الغائبة لمحمد عبد السلام فرج أحد الخمسة الذين أعدموا في قضية اغتيال السادات..
(11) - أنظر الحركة الإسلامية. والإسلام والعمل السياسي. وقد صدرت عدة منشورات من التيار السلفي والتيار الجهادي تهاجم الذين يمارسون العمل السياسي من الإسلاميين. منشور صدر عن التيار السلفي تحت عنوان: القول السديد من أن دخول مجلس الشعب مناف للتوحيد. وأصدر تيار الجهاد منشورا تحت عنوان: أإله مع الله. إعلان الحرب على مجلس الشعب..
(12) - ربط الحديث في إباحة الخروج على الحكام بقيد: إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان. وهذا يعني استحالة الخروج وقطع السبيل على الخارجين. أنظر مسلم..
(13) - أنظر باب رحلة الشك.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 أول الطريق 9
3 تشريح الواقع 12
4 الاخلاق 14
5 رحلات 17
6 هوامش 20
7 التحرر من الماضي 21
8 تيار التكفير 24
9 فكرة الحاكمية 26
10 كبت العقائد 29
11 الفرقة الناجية الاتباع 31
12 هوامش 34
13 الدين و التراث 37
14 ما هو الدين؟ 40
15 ما هو التراث 42
16 الحق و الباطل 44
17 التراث السني و التراث الشيعي 49
18 هوامش 52
19 رحلة الشك 53
20 بنو أمية 56
21 هوامش 61
22 التأويل و التبرير 63
23 هوامش 70
24 الرسول و النساء 73
25 هوامش 79
26 علم الحديث 81
27 هوامش 90
28 الصحابة 93
29 هوامش 99
30 الاجتماع 101
31 هوامش 107
32 تضخيم الرجال 109
33 تجريح الامام علي 112
34 العشرة المبشرون بالجنة 115
35 هوامش 122
36 عمر 125
37 هوامش 132
38 عثمان 135
39 هوامش 142
40 الطرح الشيعي 143
41 القرآن و العقل 146
42 الامام علي 148
43 الاجتهاد 150
44 هوامش 153
45 إشكاليتان 155
46 مكمن الإشكالية 157
47 مسالة العصمة 162
48 الغيبة 165
49 هوامش 171
50 بعد التشيع 173
51 الشخصية المصرية 176
52 مع حركة التشيع 184
53 هوامش 187
54 القرآن 189
55 جمع القرآن 191
56 مصاحف الصحابة 196
57 ترتيب القرآن 202