الإمامة وأهل البيت - محمد بيومي مهران - ج ١ - الصفحة ٢٣٨
واستمر القتل والتشريد للشيعة، وكانت التقية جنة تقي من الموت، وسبيلا " إلى الحياة، بعد أن صار مبدأ الدولة لا صلاة إلا بلعن أبي تراب (أي لا صلاة إلا بلعن سيدنا الإمام علي بن أبي طالب، والعياذ بالله)، ولم تكن التقية من أهل الكوفة شيعية، وإنما كانت عرفا " إنسانيا "، أقره الإسلام في القرآن، وجعل أولياء الإمام علي وأنصاره، يمدون في أعمارهم بالبراءة من الإمام علي (1)، وكان ميدان البطولة، مغلقا " في ظل ذلك الطغيان، الذي أعقب تنازل سيدنا الإمام الحسن عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان، سنة 41 ه‍ / 661 م، وخلو الجو للخصوم يفعلون فيه ما يشاؤون (2).
وهكذا كانت الشيعة منذ بداية الحكم الأموي في اضطهاد وأذى، وأئمة آل البيت يحصى عليهم كل شئ، ومن دعا إلى الحق منهم اعتورته السيوف، وما كان يسوغ أن يسكتوا عن مظالم الأمويين، لولا التقية، وقد دفعهم إلى التقية ذلك الأذى الذي يتعرضون له، وما كان يترتب على الخروج من فتن تظهر فيها مفاسد، ثم يشتد بعدها الطغيان.
ولذلك كانت الشيعة أكثر المسلمين أخذا " بمبدأ التقية، وقالوا: إن الترخيص بها، بل الحث عليها، جاء على ألسنة أئمتهم، رضوان الله عليهم أجمعين، وقد

(١) قال الإمام علي: فأما السب فسبوني، فإنه لي زكاة، ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تتبرأوا مني، وقد تساءل كثيرون: لماذا أجاز السب، ومنع التبرؤ، فقالت المعتزلة: لا فرق بينهما في أنهما حرام وفسق وكبيرة، وأن المكره عليهما يجوز له فعلهما عند خوفه على نفسه، كما يجوز له إظهار كلمة الكفر عند الخوف، ويجوز أن لا يفعلهما حتى وإن قتل، كما يجوز له أن يقتل ولا يقول كلمة الكفر، وذلك إعزازا " للدين، وأما استفحاش الإمام علي للبراءة، فلأنها لم ترد في القرآن إلا عن المشركين، كما في سورة التوبة، وأما الإمامية فتروي عن الإمام علي أنه قال: إذا عرضتم على البراءة منا، فمدوا الأعناق، إنه لا تجوز البراءة من الإمام علي، وإن كان الحالف صادقا "، وعليه الكفارة. ويقول الإمامية: إن حكم البراءة من الله ورسوله والإمام علي ومن أحد الأئمة عليهم السلام، حكم واحد. وبقول الإمامية: إن الإكراه على السب يبيح إظهاره، ولا يجوز الاستسلام للقتل معه، وأما الإكراه على البراءة، فإنه يجوز معه الاستسلام للقتل، ويجوز أن يظهر التبرؤ، والأولى أن يستسلم للقتل (شرح نهج البلاغة ٤ / ١١٣ - ١١٤).
(٢) كامل الشيبي: التقية - مجلة كلية الآداب جامعة الإسكندرية - العدد 16 عام 1962 ص 240.
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 7
2 الرأي الأول: أهل البيت: أزواج النبي 12
3 الرأي الثاني: أهل البيت: من حرمت عليهم الصدقة 16
4 الرأي الثالث: أهل البيت: النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين 17
5 الباب الأول 27
6 أولا ": الإمامة 27
7 ثانيا ": حكم الإمامة 30
8 ثالثا ": اختيار الإمام 50
9 رابعا ": شروط الإمام 62
10 خامسا ": عقد الإمامة 76
11 1 - الطريق الأول: البيعة 88
12 2 - الطريق الثاني: العهد 92
13 3 - الطريق الثالث: القهر والاستيلاء 96
14 سادسا ": طاعة الإمام 97
15 سابعا ": حقوق الإمام وواجباته 118
16 ثامنا ": ألقاب الإمام أو الخليفة 124
17 1 - الخليفة 126
18 2 - أمير المؤمنين 128
19 3 - الإمام 131
20 4 - الملك 132
21 تاسعا ": إمامة المفضول 151
22 عاشرا ": الإمامة عند الشيعة الإمامية 168
23 1 - العصمة: 186
24 2 - التقية: 207
25 1 - التقية في القرآن 208
26 2 - التقية في السنة 213
27 3 - التقية في الدليل العقلي 223
28 4 - التقية عند الخوارج 229
29 5 - التقية عند الشيعة 232
30 6 - التقية عند أهل السنة 241
31 3 - الرجعة 248
32 4 - المهدي 250
33 5 - البداء 263
34 6 - الجفر 265
35 7 - مصحف فاطمة 268
36 الباب الثاني: التشيع: بدايته وأصوله 275
37 1 - التشيع: أسبابه وبدايته 275
38 أولا ": منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم: 280
39 1 - عمار بن ياسر 288
40 2 - أبو ذر الغفاري 298
41 3 - سلمان الفارسي 314
42 ثانيا ": يوم وفاة الرسول 335
43 1 - وجهة نظر الأنصار 335
44 2 - وجهة نظر المهاجرين 336
45 3 - وجهة نظر بني هاشم 337
46 ثالثا ": منذ قصة الشورى 356
47 رابعا ": منذ أخريات أيام عثمان 373
48 خامسا ": منذ وقعة الجمل 384
49 سادسا ": منذ التحكيم 391
50 سابعا ": في أعقاب مأساة كربلاء 402
51 2 - أصل التشيع 412
52 3 - أسباب التشيع 428
53 المراجع المختارة 431
54 أولا ": المراجع العربية 431
55 كتب التفسير 434
56 ثانيا ": المراجع المترجمة 459
57 ثالثا ": المعاجم ودوائر المعارف 460