يا جبلا " تأبى الجبال ما حمل * ماذا رمت عليك ربة الجمل أثأر عثمان الذي شجاها * أم غصة لم ينتزع شجاها ذلك فتق لم يكن بالبال * كيد النساء موهن الجبال وإن أم المؤمنين لامرأة * وإن تلك الطاهرة المبرأة أخرجها من كنها وسنها * ما لم يزل طول المدى من ضغنها ويجز الشيخ محمد الغزالي على ترسخ وجود مثل تلك الحمية الجاهلية في سلوك معاوية بقوله: (وجمهور الفقهاء والمؤرخين والدعاة يؤكد على أن علي بن أبي طالب كان إمام حق، وأن معاوية بن أبي سفيان كان يمثل نفسه وعصبيته في خروجه على علي) (1).
وقد اشتمل مسلسل الانحراف هذا الذي أصاب الأمة من كانوا في صف الإمام علي أيضا "، وقد عبر عما أصابه في قلبه تجاههم قبل مفارقته لهم:
(قبحكم الله، لقد ملأتم قلبي قيحا "، وشحنتم صدري غيظا "، وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان) (2).
7 - ثم جاء النظام الأموي وتوسع في العبث بدين الإسلام وترسيخ نمط الحياة الجاهلية، وكانت له اليد الطولى في تدعيم أركان التفرق والتمذهب لأغراض سياسية فمعاوية يعلم أنه أخذ الخلافة بغيا " وقهرا " من صاحبها الشرعي علي وابنه الحسن من بعده، وقام بتسمية حاشيته ومن وافقه من عامة المسلمين بأهل السنة والجماعة، في الوقت ذات أطلق على معارضيه من شيعة أهل البيت عليه السلام بالرافضة، ثم جعل سب الإمام علي عليه السلام على المنابر (سنة) واجبة. فكيف يتصور اعتبار معاوية خليفة شرعيا " لرسول الله وبأمره كان يسب الإمام على ألف منبر بالجمع والأعياد على طول الدولة الإسلامية وعرضها؟