الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٦٢٠
كموضوع " أركان العالم " وبعض التراكيب تظهر شبها، على سبيل المثال، بين الرسالة إلى أهل قولسي والرسالة إلى أهل غلاطية (غل 4 / 1 - 11 وقول 2 / 6 - 23). والرسالة إلى أهل قولسي، من جهة أخرى، تؤلف، مع الرسالة إلى فيلمون والرسالة إلى أهل أفسس، مجموعة تمتاز بوحدة الحالة التي كتبت فيها: فبولس في السجن (ف 9 و 10 و 13 و 23 واف 13 و 4 / 1 و 6 / 20) يكلف طيخيقس وأونيسمس عملا مماثلا (ف 12 واف 6 / 21 - 22) ولا تخلو الرسالة إلى أهل قولسي من صلة بالرسالة إلى أهل فيلبي، وقد كتبها أيضا بولس وهو في السجن. غير أن هذه العناصر ليست حاسمة، ومن المحتمل أن بعض الأشياء اقتبست من هذه الرسالة إلى تلك.
3. الطبيعة الحقيقية للأزمة التي قامت في قولسي. ولكن يعسر علينا أن نأتي بتاريخ لها أكيد، فإن قلة وضوح التلميحات إلى العقائد والأحكام المعمول بها، ومدة ظواهر العدوي التي تسربت من الحركات الممهدة للعرفان إلى الإيمان المسيحي لا تمكناننا من أن نحدد على نحو أكيد الوقت الذي نشأ فيه النزاع.
هناك ثلاثة وجوه للحل، إذا روعيت الأمور المذكورة آنفا كلها:
- إن الرأي الشائع يجعل الرسالة إلى أهل قولسي والرسالتين إلى فيلمون وأهل أفسس في آخر خدمة بولس الرسولية، في أثناء أسره الأول في رومة (من السنة 61 إلى 63). تبدو الرسالة إلى أهل قولسي الرسم الأول لخلاصة تفكيره اللاهوتي الذي سيبلغ كمال تفتحه في الرسالة إلى أهل أفسس.
يزداد فكر الرسول سموا وبعدا ليظهر المعنى الشامل للصليب وارتفاع المسيح، وليكشف عن آخر نتائج سر الخلاص في الكنيسة، وهذا يفسر ما في هذه الخلاصة الجديدة عند بولس من تبدل في الانشاء والنظر إلى الأمور. إن الافتراض أن الرسالة إلى أهل قولسي أنشئت في أثناء أسر بولس في قيصرية (من 58 إلى 60) يوافق مثل هذا التاريخ، والأزمة التي قامت في غلاطية تظهر من جهة أخرى أن تطور الأفكار قد حصل في وقت مبكر.
- بين أنصار نسبة الرسالة إلى بولس أناس يرون أنها كتبت والرسالتين إلى أهل فيلبي وفيلمون، لا في آخر نشاطه الرسولي والأدبي، بل في وسطه. فتكون في جملة الرسائل العائدة إلى إقامته الطويلة في أفسس (من 54 إلى 57)، التي في أثنائها يمكن الافتراض أنه سجن (راجع مصاعب بولس في هذه المدينة في 1 قور 15 / 32 و 2 قور 1 / 8 - 10). وهكذا يتضح لنا أمر العلاقات الوثيقة المستمرة بين الرسول وكنائس تلك الناحية، ولكن لا تراعى المدة التي لا بد منها لتمهيد الطريق للرسالة إلى أهل قولسي. ويضطر أصحاب هذا الرأي إلى إبعادها من الرسالة إلى أهل أفسس. ففي هذه الحال تنسب على العموم هذه الرسالة إلى شخص غير بولس.
- هناك الذين يرون أن حالة الكنيسة ومضمون الرسالة وصيغتها يدعوان إلى عد هذه الرسالة مؤلفا يمثل الجيل التابع للرسل، فإن الاهتمام بأمور ما بعد الموت قد تضاءل، وأخذت الكنيسة تستنجد بالسلطة الرسولية لرد الغارات الأولى التي يشنها العرفان، فزكت خدمة ابفراس ووعظه باسم بولس. وهكذا تكتشف لنا الرسالة عن المكانة التي اعتلاها بولس في أعين المسيحيين في آخر القرن الأول (راجع 2 بط 3 / 15 - 16).
(٦٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 615 616 617 618 619 620 621 622 623 624 625 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة