الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٥٦٨
والزوجان الأولان هما الإيمان والشريعة وفيهما التضاد بين مرحلتين من تاريخ الخلاص، بين نظامين دينيين: نظام الشريعة، ذلك الذي يفصل بين اليهود والوثنيين، ولا قيمة له سوى أنه تمهيد للنظام الآخر، أي نظام الإيمان، فإن مجئ المسيح ينهي النظام الأول، إذ يفتتح الآخر. ما هو قوام هذين النظامين؟ الزوجان الآخران يمكنان من توضيح الأمر.
إن الزوجين، " الروح والجسد "، يظهران ما يعده الإنسان في كل من هذين النظامين ينبوع حياته.
فإما أن يكون هذا الينبوع هو الروح، فينفتح الإنسان لعمله بالإيمان، وإما أن يزعم الإنسان أنه هو ذلك الينبوع، فهو قادر على القيام بأعمال الشريعة. فيكون انسانا جسديا، وذلك بأن ما يسميه بولس " الجسد " هو حالة ذلك الذي يتخذ موقف العجب هذا ويستقر فيه وينغلق على نفسه. إن عمل الروح، ذلك الذي يوصد الجسد الباب في وجهه، يحرر الإنسان فيجعل منه ابنا لله، في حين أنه، ما دام جسديا، مستعبد للخطيئة التي لا يقدر على التحرر منها. فالزوجان، " الروح والجسد "، مرتبطان ارتباطا وثيقا بالزوجين " الحرية والاستعباد ". وهذان الزوجان هما الزوجان الأخيران اللذان يعرضهما بولس على أهل غلاطية لكي يوجههم فيختاروا الذي يجب عليهم أن يقوموا به.
يظهر ضلال المسيحيين المتهودين ظهورا واضحا، لأن موقفهم هو موقف الإنسان الجسدي.
والإنجيل ينقذ الإنسان من هذا الموقف، إذ يكشف له عن دعوته على أنه " ابن الله "، ويدعوه إلى موقف إيمان يجعله يتقبل الروح ليحيا بفضله حياة ابن الله.
[بنية الرسالة وإنشاؤها] عرف بولس أن " بنيه الصغار " في خطر (4 / 9)، فلم يعمد إلى أن يبين لهم نظرية. إن الحقيقة التي بشرهم بها، فأنارت لهم من ذلك الحين الطريق الذي جروا فيه (5 / 7)، هي حقيقة حدث، وذلك الحدث هو تدخل الله، عن يد يسوع المسيح، لينقذ البشرية من الخطيئة. إلى ذلك الحدث، إلى يسوع المسيح، أراد بولس أن يعود بأهل غلاطية لكي يقيمهم تجاهه.
ذكرهم الرسول في المرحلة الأولى (الفصلان 1 و 2) أن يسوع المسيح هو مصدر رسالته وفي نقطة الدائرة لبشارته.
وبين في المرحلة الثانية (الفصول 3 - 6) أن يسوع المسيح، إذ أتم الخلاص، جعل للتاريخ معناه: فبالمسيح وفي المسيح يجد البشر، وقد ولدوا ولادة جديدة، وحدتهم، وتصل الخليقة، وقد تجددت، إلى تمامها.
يوحد هاتين المرحلتين شرح الأزواج الثلاثة التي تظهر لأهل غلاطية مختلف وجوه الخيار الأساسي الذي يفرضه الإنجيل على كل إنسان.
[1. المرحلة الأولى] أ) المقدمة (1 / 1 - 10).
1 / 1 - 5: التوجيه وفيه يخبر عن موضوعي المرحلة الأولى: رسالة بولس (الآيتان 1 - 2)
(٥٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 563 564 565 566 567 568 569 570 571 572 573 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة