الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٤٧٣
الذي تم في المسيح يسوع، 25 ذاك الذي جعله الله كفارة (19) في دمه بالإيمان ليظهر بره، بإغضائه عن الخطايا الماضية في حلمه تعالى، 26 ليظهر بره في الزمن الحاضر فيكون هو بارا ويبرر من كان من أهل الإيمان بيسوع (20).
27 فأين السبيل إلى الافتخار؟ لا مجال له.
وبأي شريعة؟ أبشريعة الأعمال؟ لا، بل بشريعة الإيمان 28 ونحن نرى أن الإنسان يبرر بالإيمان

(18) إن الاسم المستعمل هنا يكرر تسع مرات في العهد الجديد. أما في العهد القديم، فالفعل المجرد المقابل له كثيرا ما يستعمل للدلالة على التحرير الذي وهبه الله لشعبه:
من عبودية مصر (تث 7 / 8 و 15 / 15 الخ) ومن الجلاء إلى بابل (اش 41 / 14 و 43 / 1 الخ)، ومن الخطيئة على وجه أعمق (مز 130 / 8). وهنا " التحرير " المشيحي قد تم في يسوع المسيح (1 قور 1 / 30 وقول 1 / 14). إنه مغفرة الخطايا (قول 1 / 14 واف 1 / 7) وغايته إنشاء شعب جديد أصبح خاصة الله (أف 1 / 14 وراجع خر 19 / 5)، بعد أن كان عبد الخطيئة والموت (روم 6 / 6 و 20 - 21). إنه عطية مجانية من حرية الله المطلقة في يسوع المسيح (أف 1 / 7).
وبالمسيح الذي مات وقام، ينال المؤمن منذ الآن هذا الفداء (روم 3 / 24 وقول 1 / 14 واف 1 / 7 و 1 قور 1 / 30)، ولكن هذا الفداء لن يكون تاما ونهائيا إلا في آخر الأزمنة (أف 1 / 14) ويشمل جسد الإنسان (روم 8 / 24) والخليقة كلها (روم 8 / 22). أما مفهوم " الفدية "، أي الثمن المدفوع لإخلاء سبيل سجين أو لافتداء أسير، فهو حاضر، من جهة اشتقاقه اللغوي، في أصل المفردات التي يستعملها بولس، وليس غائبا عن فكره. كثيرا ما يقول بولس أن المسيحي " اشتري " أو " افتدي " (1 قور 6 / 20 و 7 / 23 وغل 3 / 13 و 4 / 5). لكن هذه العبارة تعني قبل كل شئ أن المسيحي هو " خاصة " الله، ومحرر من عبودية الخطيئة والموت. وإذا ذكر " ثمن " هذا الافتداء (1 قور 6 / 20 و 7 / 23)، فللتشديد على ما كلف هذا الفداء، حتى أن الله، لكثرة محبته لنا، لم يتردد في تسليم ابنه (روم 5 / 8 و 8 / 32). وثمن هذا الفداء هو " دم " يسوع، أي حياته المبذولة عن محبة (أف 1 / 7 وراجع 1 بط 1 / 19). أما " كيف " يجري الله فداءنا في المسيح، فإن بولس يعبر عنه في وقت واحد باستعمال مفردات حقوقية (روم 8 / 3: أرسل الله ابنه في جسد يشبه جسدنا الخاطئ، فحكم على الخطيئة في الجسد. راجع أيضا 2 قور 5 / 21 وغل 3 / 13) وألفاظ ذبائحية (3 / 25:
تكفير، و 8 / 3: ذبيحة عن الخطيئة) ومفردات تدل على المشاركة (6 / 4 - 10: " فإذا اتحدنا به فصرنا على مثاله في الموت، فسنكون على مثاله في القيامة أيضا " (الآية 5).
ليس المطلوب أن نختار بين هذه التعابير، بل أن نجعل لهذه التعابير الثلاث قيمتها، وقد يفضل الوجه الذبائحي: فالمسيح يتضامن، بذبيحته، مع البشرية الخاطئة ويصبح رأس البشرية الجديدة التي تشترك في حياته، مقربا نفسه لله وجاعلا نفسه عن محبة في خدمة البشر (راجع أف 5 / 1 - 2 وروم 12 / 1). راجع الحواشي على روم 3 / 25 و 6 / 7 و 10 و 7 / 4 و 8 / 3 و 4).
(19) في الترجمة اليونانية للعهد القديم، تدل " الكفارة " على مكان الرش في عيد التكفير السنوي في هيكل أورشليم. في أثناء هذه الحفلة، كانت خطايا إسرائيل تغفر (اح 16). يرى بولس إذا في هذه الرتبة صورة لذبيحة المسيح. يبذل المسيح " دمه "، أي إنه يقرب نفسه ذبيحة، فيهب لنا غفران الله " بالإيمان " وهو وحده يمكننا من الاستفادة من هذا الغفران وهذا الخلاص. وهناك مفسرون آخرون يرون في هذه الكلمة موصوفا مجردا (" وسيلة تكفير ") لا صلة له بكفارة الهيكل.
(20) يبين لنا صليب المسيح ما هو بر الله في الماضي (برا خلاصيا ينجز المواعد عن نعمة: راجع روم 1 / 17 +).
يركز بولس على أحد مواضيع العهد القديم، فيقول إن الله كان يحبس غضبه في الماضي عن رحمة ويترك الخطايا بلا عقاب (خر 34 / 6 - 7 ومز 103 / 8 واش 48 / 9 وار 15 / 15). ولم يكن لهذا الصبر من معنى إلا نظرا إلى الغفران النهائي في المسيح. أما الآن، فإن هذا البر قد تجلى تماما في صليب المسيح الذي به يبرر الله الإنسان الخاطئ.
إن قول بولس: " جدنا إبراهيم " لا يعني حتما أنه يوجه كلامه إلى مسيحيين يهود. فقد يكون أنه يتضامن مع الشعب اليهودي أو يعد إبراهيم أبا لجميع المؤمنين، أيا كان أصلهم، وهي فكرة هذا الفصل الجوهرية. يستند بولس إلى شخص إبراهيم ليبين أن التبرير بالإيمان لا يناقض كتب العهد القديم، لا بل هو موضوعها الأساسي. وبذلك يثبت بولس ما في العهدين من وحدة لاهوتية. وقد ورد ذكر إبراهيم في غل 3 / 6 - 9.
(٤٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة