الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٤٢٧
" لأنسبن الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي، الإسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل (1) "!
ولا نريد أن نحدثك هنا عن الإسلام، فقد فصلنا هذا في كتابنا " مبادئ الإسلام "، ولكنا سنقف معك قليلا عند قوله تعالى: " اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم "، ولن نجول معك في تفسير هذه الآيات الكريمة في كتب التفسير، بل سنقصر جولتنا على السير بك مع باحث واحد، هو الأستاذ أحمد نجيب برادة، إذ عنى بالكتابة عن وحي الآيات الأولى في تنزيل القرآن، ونحن نعنى هنا بإيجاز فضائل الإسلام، بذكر فضائل آياته الأولى، ونلخص لك بحثه فيما يلي:
(أ) بدأ العزيز الحكيم تنزيل القرآن الكريم، بالأمر بالقراءة، فقال في الآية الأولى " اقرأ باسم ربك "، ثم كرر الأمر في الآية الثالثة بقوله: " اقرأ وربك الأكرم " وكرر أيضا كما نرى كلمة " الرب " فيهما، وكلمة الرب تحوي في طياتها معنى التربية، ولم يذكر في الآيتين معمولا ظاهرا للقراءة، إذ لم يقل ماذا تقرأ، واكتفى في كلتيهما بذكر وصف للرب في الأولى بالذي خلق، خلق الإنسان من علق، وفي الأخرى بالأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، بالتنويه في الوصف الأول بالخلق، وفي الوصف الثاني بالعلم، وعلى هذا فإن الآية الأولى تفيد أنك تقرأ في كائنات الوجود، وتفيد الآية الأخرى أنك تدرس العلوم المسطورة وتطلب منها المزيد، ثم إن كلمة " علق " في آية " خلق الإنسان من علق " تتضمن معنى العلاقة، فهو قد خص الإنسان بالذكر بين الكائنات، وأبان أنه تعالى جعل مناط الإنسان العلق، أي الروابط بأنواعها من اجتماعية وطبيعية واقتصادية وغيرها!
وبذا ترى أن المولى عز وجل في القرآن الكريم، قد بدأ الهداية الإسلامية

(١) راجع ص ١٧١ من نهج البلاغة ج ١.
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 ... » »»