مشاهد ومزارات آل البيت (ع) في الشام - هاشم عثمان - الصفحة ٥٢
أمدهم للعمل بالأسرى والعجلات، وشرعوا في البناء، فبنوا الحائط القبلي واطيا، فلما رآه الشيخ إبراهيم بن شداد بن خليفة بن شداد لم يرضه وزاد في بنائه من ماله، وتعاضد الناس في البناء فكان أهل الحرف يفرض كل واحد منهم على نفسه يوما يعمل فيه. وكذلك فرض له أهل الأسوق في بياعاتهم دراهم تصرف في المؤن والكلف (1).
ولعل هذا المشهد هو الذي عناه ياقوت الحموي بقوله:
" وبالقرب منه - أي قبر المحسن - مشهد مليح العمارة تعصب له الحلبيون وبنوه أحكم بناء وأنفقوا عليه أموالا يزعمون أنهم رأوا عليا رضي الله عنه في المنام في ذلك المكان " (2).
بنى إيوان صدر المشهد الحاج أبو غانم بن شقويق من ماله، وهدم بعد ذلك بابه، وكان قصيرا، الرئيس صفي الدين طارق بن علي البالسي، رئيس حلب، ورفع بناءه عما كان عليه وذلك في سنة 585 / ه‍ وفي هذه السنة انتهت عمارته (3).
وقد زاره صلاح الدين يوسف لما ملك حلب، وأطلق له عشرة آلاف درهم (4).
ولما ملك ولده الملك الظاهر حلب، اهتم بهذا المشهد ووقف عليه وقفا رحى تعرف بالكاملية. وكان مبلغ خراجها ستة آلاف درهم في كل سنة، وأرصدها في شراء كعك وحلوى في ليالي الجمع لمن يكون به. وفوض النظر في ذلك لنقيب الأشراف يومئذ السيد الشريف الإمام العالم شمس الدين أبي علي الحسن بن زهرة الحسيني، والقاضي بهاء الدين أبي محمد الحسن بن إبراهيم بن الخشاب الحلبي.

(1) ابن شداد - الأعلاق الخطيرة ج / 1 ق / 1 ص / 154 /.
(2) ياقوت الحموي - معجم البلدان باب الحاء - حلب.
(3) ابن شداد - الأعلاق الخطيرة ج / 1 ق / 1 ص / 154 /.
(4) المرجع السابق.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست