مشاهد ومزارات آل البيت (ع) في الشام - هاشم عثمان - الصفحة ٥٣
ولما ملك ولده العزيز حلب، استخرج القاضي بهاء الدين بن الخشاب إذنا في إنشاء حرم إلى جانبه فيه بيوت يأوي إليها من انقطع إلى هذا المشهد فأذن له، فشرع في بنائه واستولت التتار على حلب قبل أن يتم.
ولما استولى التتار على حلب دخلوا هذا المشهد وأخذوا ما كان الناس قد وقفوا عليه من الستور والبسط والفرش والأواني النحاس والقناديل الذهب والفضة، والشمع، وكان شيئا لا يحصره عد، ولا يحويه حد، وشعثوا بناءه، ونقضوا أبوابه.
ولما ملك السلطان الظاهر حلب جدده، ورمه وأصلحه وعمل أبوابه، ورتب فيه إماما ومؤذنا وقيما (1).
بقي المشهد مدة طويلة مهملا ثم منذ أكثر من نصف قرن أخذت تقام فيه يوم عاشوراء حفلة دينية تتلى فيها قصة المولد النبوي ويطبخ فيه طعام الحبوب وغيره من الأطعمة الفاخرة ويجلس على موائدها المدعوون من رجال الحكومة العثمانية والعلماء والأعيان والوجهاء، وفي اليوم السابع والعشرين من رجب تتلى فيه قصة المعراج ويفرق على الحاضرين المذكورين الملبس وأنواع الحلوى (2).
وفي سنة 1302 / ه‍ جددت فيه الجهة الشمالية من القبلية. وبعد بضع سنين أهدى السلطان عبد الحميد ستارا حريريا مزركشا بآيات قرآنية وضع على المحراب وفرشت قبليته بالطنافس الجميلة، وجدد ترخيم أرض الصحن ورتب له إماما ومؤذنا وخادما وموظفين يقرأون كل يوم أجزاء شريفة، ونفقاتهم من أملاك السلطان عبد الحميد في حلب (3).

(1) ابن شداد - الأعلاق الخطيرة ج / 1، ق / 1 ص / 156 /.
(2) الغزي - نهر الذهب في تاريخ حلب ج / 2، ص / 282 /.
(3) المرجع السابق.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست