أبناء الرسول في كربلاء - خالد محمد خالد - الصفحة ٩٥
إن الذي يعنيه من ناحية الجوهر، هو أن يؤدي ما رآه واجبا مقدسا عليه نحو دينه ونحو الحق.
والذي يعنيه من ناحية الشكل، ألا تدور المعركة بينه وبين يزيد في مكة فيكون سببا في استباحة حرمتها وقداستها.
(لأن أقتل في أي مكان من الأرض، أحب إلى من أن أقتل هنا، فيستباح البلد الحرام بسببي)..!!
وهكذا طاف بالبيت الحرام، مؤديا له التحية التي لم يكن يدري أنها تحية الوداع!!
ثم تصدر القافلة التي انتظمت أهله المباركين من زوجات، وأخوات، وإخوة، أبناء عم، وأبناء إخوة.. كما انتظمت نفرا من أنصاره وصحبة..
ولقد اصطحب معه من أهله كل هذا الجمع، لأنهم - غالبا - تشبثوا بالرحيل معه.. ولأنهم وفق التدبير الذي كان مرسوما، سيقيمون في البيوت التي ستعد لهم في الكوفة، قريبين منه وتحت عينيه، ورعايته..
ولأنه أخيرا - وربما كان هذا أهم دواعي اصطحابهم معه - خشي حين يشتبك مع يزيد في قتال، أن ينتقم منه في شخص أهله هؤلاء من زوجات وإخوة وأخوات، فيها جم مكة، ويستبيحها بسببهم، الأمر الذي كان (الحسين) يخشاه دائما ويتوقاه..!!
ومضى البطل إلى غايته..
وأخذت النذر تلقاه على طول طريقه.. ففي أول الطريق لقيه الفرزدق الشاعر قادما من الكوفة.
وسأله (الحسين): (كيف تركت الناس من ورائك)؟
فأجابه الفرزدق: (تركتهم، قلوبهم معك.. وسيوفهم مع بني أمية).
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست