أبناء الرسول في كربلاء - خالد محمد خالد - الصفحة ٨٩
وجن جنون الطاغية، فنادى جلاديه وأمرهم أن ينزلوا به كل عذاب دون القتل حتى لا يستريح بالموت!!.
وتناوشه المجرمون، يكسرون أنفه، ويمزقون لحم وجهه، ويهشمون عظامه، وهو صابر محتسب..!!
ولما شفى ابن زياد نفسه المظلمة بتعذيبه، أمرهم أن يخرجوا به إلى السوق ويضربوا عنقه..
وطار خبر مصرعه واستشهاده إلى (مسلم بن عقيل) فجمع رجاله وأنصاره، وسار بهم إلى قصر الإمارة حيث ضربوا حوله حصارا رهيبا.
لماذا لم يضرب (مسلم) ضربته من فوره..؟.
لماذا لم يقتحم القصر على ابن زياد، وقد كان معه ساعتئذ من الأنصار المسلمين أضعاف أضعاف الحرس الذين يحرسون الطاغية؟؟
لماذا لم يستغل تلك الثورة العارمة التي كانت تشتعل في أنفس الناس نقمة وغضبا لمقتل (هانئ بن عروة)..؟؟
هنا، ينجو ابن زياد مرة أخرى من قتل محقق بسبب أناة (مسلم) وفضائله!!
ف‍ (مسلم) يعلم أن (الإمام الحسين) إنما أرسله ليأخذ له البيعة ولم يأذن له بقتال..
وهو حريص على أن يلتزم الحدود التي رسمها له ابن عمه وقائده..!
وهكذا قضى اليوم كله مكتفيا بالحصار الذي ضربه وأحكمه.
بينما قضى ابن زياد ومن معه في القصر يومهم في نسج الشباك وإعمال الحيلة، فأوعز إلى بعض زعماء الكوفة وأشرافها الممالئين ليزيد، والذين كانوا معه داخل القصر، على أن يطلوا على المحاصرين ساعة الغروب، ويخبروهم أن جيش الشام في طريقه إلى الكوفة سيصلها غدا أو بعد غد..
وسيحيل أحياءها قتلى، ودورها ترابا.. ففعلوا ما أمرهم به ابن زياد،
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست