الصحبة والصحابة - حسن بن فرحان المالكي - الصفحة ٩٥
الوجه الأول: هل الإجماع المسبوق بخلاف يعد إجماعا أم لا؟، هذا على التسليم بأن المتأخرين استقروا (أجمعوا) على تعريف الحافظ ابن حجر، الوجه الثاني: هل قام أحد باستعراض مذاهب المتأخرين في هذا الموضوع؟، ولماذا نرى بعض الكتابات من بعض المحدثين المعاصرين ليست على ما ذهب إليه المعترض.
الوجه الثالث: سبق ذكره وهو: هل ما استقر عليه المحدثون - على افتراض صحته - يعد إجماعا حتى لو خالف في ذلك الأصوليون؟!، بل هل ما أجمع عليه أهل السنة يعد إجماعا معتبرا أم لا بد من إجماع كل أمة الإجابة؟! فهذا سؤال يحتاج لبحث منفصل (153).
كل هذه الأسئلة بحاجة إلى بت فيها، ولا يحتمل هذا البحث الإجابة عليها لكون كاتب هذا البحث لم يبحثها بحثا يرضى عنه، ولا يريد أن يتكلم بما لا يعلم فيقع في المحظور الذي حذر منه، وأنا أدعو إخواني

(153) لأن أقوى دليل للذين يرون الإجماع هو الحديث المشهور: (لا تجتمع أمتي على ضلالة والحديث وإن كان فيه كلام من حيث الثبوت لكن (الأمة) فيه لا تعني بعض الأمة وإنما كل أمة الإجابة (كل المسلمين) باختلاف مذاهبهم الفقهية والعقدية ومن زعم بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) أراد من (أمتي) أنها تعني المحدثين أو أصحاب المذاهب الأربعة فقد جازف، بل حتى منظمة المؤتمر الإسلامي في عصرنا هذا رغم تمثيلها لكل المذاهب الفقهية والعقدية، لكن إجماعا لا يعد إجماعا أيضا، لأن كل دولة تبعث من يمثلها حتى لو وجد من هو أعلم منه. إضافة إلى أن الإجماع يستلزم اتفاق كل المجتهدين، والمجتهدون أكثر ممن تضمهم هذه المنظمة، فلا بد من آلية تنقل لنا الإجماع الذي عرفه العلماء.
وهذا كله لا يعني عدم الحكم بخطأ الفرد ما لم يوجد إجماع على ذلك، لأن أصول الاستدلال لا تقتصر في الإجماع فقبله هناك الكتاب والسنة، فيستطيع الباحث أن يحكم بالخطأ على فلان أو الفرقة الفلانية، لأنه خالف - أو لأنها خالفت - نصا صريحا يراه الباحث صحيحا، بمعنى أن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة كافية في الحكم بتخطئة المخطئ أو تبديع المبتدع أو إكفار الكافر وليست بحاجة إلى (إجماع في المسألة) لأن الإجماع صعب التحقيق إن لم يكن مستحيلا في كثير من الموضوعات المختلف فيها.
وهذا أيضا لا يعني الانسياق وراء المتشدقين الذين يستعجلون في إطلاقه ويتجاوزون بإطلاقه حدود الأدب العلمي (وما أكثرهم في عصرنا هذا؟!!) فتجد أحدهم يدعي الإجماع على مسألة كذا ولو سألته عن تعريف الإجماع لما عرف ذلك!!.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست