الصحبة والصحابة - حسن بن فرحان المالكي - الصفحة ٩٣
بعدهم؟!، ثم لا يشترط أن يسبق في الموضوع أحد ما دام للموضوع أدلته وبراهينه، فينطلق النقد على تلك البراهين والأدلة، ولا ينطلق على غير ذلك، وكلمة (من سبقك؟!) ليس دليلا، فقد أطلق المتأخرون ألفاظا أو مصطلحات لم تكن موجودة فيهم ولا قبلهم، ولم يقل لهم أحد هل سبقكم أحد إلى هذه التسمية، مثل التفسير، والتجويد، والمصطلح نفسه، وأصول الفقه، والخاص والعام، والمطلق والمقيد، ونحو ذلك من الألفاظ التي لم تكن موجودة في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) ولا القرن الأول.
3. قد يقال: إن تقييدك للصحبة ب‍ (المهاجرين والأنصار) خلاف الإجماع، الذي استقر عليه المحدثون، من اعتبار كل من لقي النبي (صلى الله عليه وسلم) (مؤمنا به ومات على الإسلام فهو صحابي).
أقول: المسألة ليس فيها إجماع ولا استقرار رأي، ومن عرف معنى الإجماع وشروط حصوله، سيستحي علميا أن يتفوه بهذا، هذا أمر.
أما الأمر الثاني: فالمحدثون وحدهم - رغم أنهم لم يجمعوا - لا يعتبر إجماعهم حجة شرعية، وقد اختلفوا في تحديد معنى الصحبة، وتعريف الصحابي، وإلا فكيف يصح إجماع المحدثين مع خلاف سعيد بن المسيب وشعبة بن الحجاج ومعاوية بن قرة وعاصم الأحول وأبو حاتم ويحيى بن معين وابن عبد البر وأبو زرعة وأبو داود وغيرهم، فكل هؤلاء لا يعتبرون مجرد الرؤية ولا مجرد اللقيا دليلا كافيا لإثبات الصحبة، وهؤلاء كلهم من كبار أهل الحديث، ولكن قصر الصحبة على المهاجرين والأنصار، صحيح ليس عليه أكثر المحدثين أيضا، لسبب ظاهر، وهو تركيزهم على اتصال الإسناد، فهم معذورون في هذا التوسع، للسبب المتعلق بوظيفتهم في نقل أحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولكنهم مع ذلك ليس عندهم غلو المعاصرين، ولا غلو الحنابلة فتجد أهل الحديث ينقلون
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست