والكتب، أتراه كان عادلا أم جائرا؟ قال ضرار: ما كان الله ليفعل ذلك، قال هشام: قد علمنا أن الله لا يفعل ذلك، ولكن على سبيل الجدل والخصومة أن لو فعل ذلك، أليس كان في فعله جائرا؟ وكلفه تكليفا لا يكون له السبيل إلى إقامته أو أدائه؟ قال: لو فعل ذلك لكان جائرا. قال: فأخبرني عن الله عز وجل هل كلف العباد دينا واحدا لا اختلاف فيه لا يقبل منهم إلا أن يأتوا به كما كلفهم؟ قال: بلى. قال فجعل لهم دليلا على وجود ذلك الدين أو كلفهم ما لا دليل على وجوده، فيكون بمنزلة من كلف الأعمى قراءة الكتب والمقعد المشي إلى المساجد والجهاد؟ قال فسكت ضرار ساعة. ثم قال لا بد من دليل وليس بصاحبك (ويعني به علي بن أبي طالب) فضحك هشام وقال: لا خلاف بيني وبينك إلا في التسمية، قال ضرار: فإني أرجع إليك في هذا القول قال: هات قال ضرار: كيف تعقد الإمامة؟ قال هشام: كما عقد الله النبوة، قال: فإذا هو نبي، قال هشام: لا، لأن النبوة يعقدها أهل السماء، والإمامة يعقدها أهل الأرض، فعقد النبوة بالملائكة، وعقد الإمامة بالنبي، والعقدان جميعا بإذن الله عز وجل، قال فما الدليل على ذلك؟ قال هشام: الاضطرار في هذا، قال ضرار: وكيف ذلك؟ قال هشام: لا يخلو الكلام في هذا من أحد ثلاثة وجوه، إما أن يكون الله عز وجل رفع التكليف عن الخلق بعد الرسول (صلى الله عليه وسلم) فلم يكلفهم، ولم يأمرهم ولم ينههم، وصاروا بمنزلة السباع والبهائم التي لا تكليف عليها، أفتقول هذا يا ضرار؟ قال لا أقول هذا، قال هشام: فالوجه الثاني
(٢٣١)