لذلك يبدو أن نسبة ذلك إليه ليست بصحيحة، وهو يخالف قوله السابق بأنها فعل.
ولم أعثر على السبب الذي دعاه إلى تفسير الإرادة بالحركة ثم الحركة بالفعل. لكن ربما كان الباعث له على هذا: هو أن الإرادة عنده صفة الله على نحو المجاز، وأن حالها عنده كحال وصفه تعالى بالغضب والحب والكراهة وسوى ذلك، وأنه لو كان مريدا لنفسه لكان مريدا للقبح أيضا، ولوجب أن يكون مراده معه من الأزل لا يتخلف، وكذا لو كان مريدا بإرادة قديمة كما يقوله أصحاب الصفات، لاستحالة تخلف المراد عن الإرادة، ولكان ما يوجده من الأفعال لا تختلف أوقاته ولا يتأخر بعضه عن بعض، لأن الإرادة في كل منها موجودة، ولعله لأجل هذه المشكلة تهرب النظام القائل بأن الصفة عين الذات من هذا الإشكال إلى القول بأنه تعالى لا يقدر على الشر ولا يقدر إلا على الحسن والخير، وفرارا من ذلك أيضا ذهب إلى القول بالكمون وأن المخلوقات جميعها خلقت دفعة واحدة غاية الأمر أنه أكمن بعضها في بعض، وأنها من حيث وجودها وجدت دفعة واحدة منذ الأزل، وأن التأخر والتقدم في الظهور والبروز. كل ذلك فرارا من الشبهتين معا.
وأما على القول بأنه مريد بإرادة حادثة فلا يستلزم تلك اللوازم الباطلة، وهو على قوله وإن كان جائزا كما صنعه في العلم وغيره، إلا أنه منع منه للدليل السمعي عن أئمة أهل البيت، كالحديث عن الإمام موسى بن جعفر في حديث صفوان ابن يحيى أنه قال: