" ليس يخلو القديم (الله) من أن يكون لم يزل عالما لنفسه كما قالت المعتزلة، أو عالما بعلم قديم كما قالت الزيدية، أو عالما على الوجه الذي أذهب إليه " (1) ويقصد بالوجه الذي يذهب إليه أن العلم حادث.
فهو إذن يخالف جمهور المعتزلة الذي يرون أن الله عالم لنفسه وبنفسه كما هو قادر لنفسه وحي لنفسه وهكذا، فإن القدرة والعلم والحياة عنده غير ذاته، ويخالف أصحاب الصفات من الزيدية وسواهم، فإنهم يذهبون إلى أن الله عالم بعلم قديم كما هو قادر بقدرة قديمة وهكذا، وأن صفاته ليست ذاته بل هي زائدة على الذات (2). ولما كان قول أصحاب قدم العلم واضح الفساد عنده، للزوم وجود اثنين من القدماء، انصب على المعتزلة يناقشهم رأيهم فقال:
" فإن كان عالما بدقائق الأمور وجلائلها لنفسه فهو لم يزل يعلم أن الجسم متحرك لنفسه، لأنه الآن عالم لذلك، وما علمه الآن فهو لم يزل عالما به.. فإن كان هذا هكذا فلم يزل الجسم متحركا، لأنه لا يجوز أن يكون الله لم يزل عالما بأن الجسم متحرك إلا وفي الوجود جسم متحرك على ما وقع به العلم، ولا بد أيضا من أن يكون لا يزال عالما بأن الجسم متحرك إذا النفس التي لها ومن أجلها علم ذلك لا تزال موجودة " (3).