الخامس: لو جعلت النبوة السبب الوحيد في إفتراض الطاعة، فلا يبقى خصوصية لافتراض الطاعة، بل لهم أن ينفوا سائر الفضائل عن أمير المؤمنين، بزعم أن جميع فضائل هارون مسببة عن نبوته لا خلافته.
السادس: إنه ليس إفتراض الطاعة مسببا عن النبوة فحسب، بل قد تجب الطاعة ولا نبوة، كوجوب طاعة الله وطاعة الخلفاء. فإذا كان لشئ سببان أو أكثر لم ينتف المسبب بانتفاء أحد الأسباب، وتعدد الأسباب للشئ الواحد شائع، قال ابن هشام في معاني " لو ":
" الثالث: إنها تفيد الامتناع خاصة، ولا دلالة لها على امتناع الجواب ولا على ثبوته، ولكنه إن كان مساويا للشرط في العموم - كما في قولك: لو كانت الشمس طالعة كان النهار موجودا - لزم انتفاؤه، لأنه يلزم من انتفاء السبب المساوي انتفاء مسببه، وإن كان أعم - كما في قولك: لو كانت الشمس طالعة كان الضوء موجودا - فلا يلزم انتفاؤه، وإنما يلزم انتفاء القدر المساوي منه للشرط. وهذا قول المحققين... " (1).
والعجب من التفتازاني، يتشبث بالشبهة المذكورة، مع أنه يحكي عن ابن الحاجب نفس القول المتقدم في معنى " لو " ويرتضيه... في شرحيه (المطول) و (المختصر) على (التلخيص) حيث يقول:
" ولو للشرط. أي لتعليق حصول مضمون الجزاء لحصول مضمون الشرط فرضا على الماضي، مع القطع بانتفاء الشرط، فيلزم انتفاء الجزاء، كما تقول: لو جئتني لأكرمتك. معلقا للإكرام بالمجئ مع القطع بانتفائه، فيلزم انتفاء الإكرام، فهي لامتناع الثاني - أعني الجزاء - لامتناع الأول - أعني الشرط. يعني: إن الجزاء منتف بسبب انتفاء الشرط. هذا هو المشهور بين الجمهور.