مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٧٥
والحاصل: إن أمثلة هذا العامل كثيرة جدا يجدها الباحث بمجرد رجوعه إلى ذاكرته في أحداث العقود الهجرية الأولى التي تلت العهد النبوي الأول.
نعم، ليس المراد من وجود هذا العامل أنه لم تكن للتكتلات السياسية في صفوف الصحابة - من المهاجرين والأنصار، وائتلاف السقيفة، والبيت الهاشمي وأنصاره - أي دور، إما في تغيير وتبديل الخطة المرسومة من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإما في المحافظة على بقائها، إذ الأمور نسبية، وإنما الغرض بيان الجانب الغالب.
* وأما تعيين وظيفة المسلمين والدولة من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بشأن الفتوحات، فقد كان إخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بفتح المسلمين لفارس والروم وسقوط ملك كسرى وقيصر على أيديهم، إخبارا ملأ آذان المسلمين في مواقع عديدة أنبأ فيها بذلك، كما في حفر الخندق في غزوة الأحزاب (1) وغيره، وقد كان وعدا قطعيا منه (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك للمسلمين، وهذا الوعد الصادق استيقن به المسلمون، كما رأوا صدق الوعود منه (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل، وكان هذا باعثا للأمل ولقوة الروح فيهم التي لا تستجيب لليأس أو الخوف.
كما إن تعيين القرآن الكريم والنبي الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الوظيفة للمسلمين كان بيانا لمشروعية الجهاد في نفسه لدى العديد ممن لم ير مشروعية لما نتج عن بيعة السقيفة.
ولقد كان في أمره (صلى الله عليه وآله وسلم) - في أيامه الأخيرة - بتجهيز جيش أسامة، وحثه على إنفاذه، ولعنه من تخلف عنه، دلالة على مدى العناية الشديدة

(١) انظر: تاريخ الطبري ٢ / 92.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست